قال: (وأما محض الإيمان فما روي أنهم قالوا: ( يا رسول الله! إن أحدنا ليحدث نفسه بالشيء ما يحب أن يتكلم به. قال: ذلك محض الإيمان ) ).
قال: (وأما صدق الإيمان وبره فما روي عن عبيد بن عمير قال: [من صدق الإيمان وبره إسباغ الوضوء على المكاره، ومن صدق الإيمان وبره أن يخلو الرجل بالمرأة الحسناء فيدعها لا يدعها إلا لله]).
هذا من آثار السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم؛ لأن العبد قد يدعي كمال الإيمان، لكن لا يكون صادقاً، فمن صدق الإيمان أن يكون فيه مثل هاتين الخصلتين إسباغ الوضوء على المكاره، وهي دليل على صدقه في طاعة الله وفي عبادة الله مهما كان الجو ومهما كان الألم، فإنه يسبغ الوضوء على المكاره؛ لأنه يريد أن يؤدي عبادة الله وفريضة الله وطاعة الله على الوجه الكامل اللائق بهذه العبادة وكذلك أن يخلو الرجل بالمرأة ثم يدعها خوفاً من الله، وهذا مثال الشهوة التي تبلغ بالإنسان إلى أن يخلو بمحارم الله وفي إمكانه أن ينتهكها، ولكنه يدع ذلك ابتغاء وجه الله، وليس لمخلوق في ذلك شيء، وإنما لأجل الله ولوجه الله تبارك وتعالى.
قال: (وأما لباسه فالتقوى، روي ذلك عن وهب بن منبه)، فللإيمان لباس، فإذا كان له أركان ودعائم وذروة وكمالات ولباس وحلاوة وطعم فذلك دليل على أنه حقيقة مركبة من هذه الأمور جميعاً.
قال: (وأما حلاوته فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار ) ) فهذا في إثبات حلاوة الإيمان، وقد سبق القول فيها.