وأما صريح الإيمان ومحضه فقد جاء في الحديث ما يدل على أن الإيمان له محض، وله صريح، فقد قال الصحابة: ( يا رسول الله! إنا لنجد في أنفسنا شيئاً لأن يكون أحدنا حممة أحب إليه من أن يتكلم به ) أي: ما يلقي الشيطان من التشويش على إيمان العبد والشبه الباطلة والوساوس والأوهام؛ وذلك لأن للملك لمة وللشيطان لمة، فتأتي لمة الشيطان فتلقي الإيعاد بالشر والتكذيب بالحق، فيأتي في قلب المؤمن شيء من الشك والريب والشبهة التي يلقيها الشيطان في قلبه، فلما وجد ذلك الصحابة رضوان الله تعالى عليهم تعاظموا ذلك، فقد كانوا -رضي الله عنهم- يظنون أن الإيمان إذا اكتمل فإن صاحبه لا يجد بعد ذلك أي وسوسة أو تشويش من هذا العدو الخبيث، فالنبي صلى الله عليه وسلم طمأنهم وهدأ من روعهم وقال لهم: ( أوقد وجدتموه؟! ) وكأنه صلى الله عليه وسلم يشعرهم بأنه كان ينتظر متى يجدون هذه الوسوسة، فلما قالوا: نعم، قال: ( ذلك محض الإيمان ) أو ( صريح الإيمان ) على اختلاف الروايات.
إذاً: الإيمان له محض وله صريح، ومعنى ذلك أنه يوجد من المؤمنين من لم يبلغ به إيمانه أن يكون في درجة المحض أو درجة الصريح، بل يكون دون ذلك.
فالإيمان له محض وله صريح كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، وله أركان وله دعائم، وله عرى.