قال: (أحدها: أن المسلمين لما أخبرهم الواحد وهم بقباء في صلاة الصبح أن القبلة قد حوّلت إلى الكعبة؛ قبلوا خبره، وتركوا الحجة التي كانوا عليها، واستداروا إلى القبلة، ولم ينكر عليهم رسول الله عليه وسلم، بل شُكروا على ذلك، وكانوا على أمر مقطوع به من القبلة الأولى فلولا حصول العلم لهم بخبر الواحد لم يتركوا المقطوع به المعلوم بخبر لا يفيد العلم).
وهذا دليل واضح، فالصحابة رضي الله تعالى عنهم علموا وفهموا أن خبر الواحد يفيد العلم، فالقبلة ليست بالأمر الهين، فهي أمر عظيم، وهم على قبلة متعينة مقطوع بها، صلى إليها النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم، وعلمهم ذلك، فكانوا متوجهين إلى بيت المقدس ، فجاء الواحد العدل وناداهم وأخبرهم أن الله أوحى إلى نبيه أن القبلة قد حولت إلى الكعبة فاستداروا وعملوا بهذا الخبر ، وهو خبر واحد، فدل ذلك على أن خبر الواحد حجة، وأنه يفيد العلم اليقيني؛ فهم لم يتحولوا عن اليقين الذي هم عليه إلا بخبر أفادهم اليقين، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعنفهم على ذلك، فلو كان الإنسان لا يترك اليقين إلا بيقين؛ بحجة أن الخبر الوارد ظني وآحاد -وهو كذلك- لما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولقال: كيف تتركون اليقين الذي أنتم عليه لخبر آحاد ظني يحتمل الخطأ والصواب؟