تعقيب ابن القيم رحمه الله على مذهب الحنفية في خبر الآحاد
يقول ابن القيم رحمه الله تعقيباً على هذا الكلام: (ومن المعلوم لكل ذي حس سليم، وعقل مستقيم، استفاضة أحاديث الرؤية والنداء والنزول والتكليم وغيرها من الصفات، وتلقي الأمة لها بالقبول أعظم بكثير من استفاضة حديث اختلاف المتبايعين، وحديث: ( لا وصية لوارث )، وحديث: ( فرض الجدة.. ) وغيرها -أي: هذه أهم من تلك ولا شك- بل لا نسبة بين استفاضة أحاديث الصفات واستفاضة هذه الأحاديث، فهل يسوغ لعاقل يقول: إن هذه توجب العلم وتلك لا توجبه إلا أن يكون مباهتاً. وأصحاب البهتان لا جدال معهم: (( وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا ))[الأنعام:25]، وقال تعالى: (( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ))[الحجر:14-15]، فأصحاب البهتان والهوى لا يقبلون الحق ولا يريدونه، ويصرون على ما يريدون أن يعتقدوا أنه الحق، وهؤلاء لا جدال معهم، لكن من كانت لديه بصيرة، ومحبة للحق، ومعرفة له، وطلب له، وجد أن هذه الأحاديث في الصفات أكثر استفاضة، وأولى بأن تتلقى بالقبول من تلك التي هي في الأحكام العملية).