ومن أجلى الأدلة على ذلك: أن ترك عمل واحد من الأعمال الظاهرة يوجب تكفير فاعله، كترك الصلاة الذي أجمع عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت الإجماع ونقل نقلاً صحيحاً، فلا يجوز العدول عنه بعد ذلك، وأما تأويلهم: بأن مرادهم تركها جحداً لا من تركها تهاوناً وكسلاً أو ما أشبه ذلك، فهذا تأويل لا يليق بمن كان في مثل فهم الصحابة الكرام والتابعين الذين نقلوا هذا الإجماع؛ لأن الكلام في التارك وليس في الجاحد، إذ الجاحد له حكم آخر، فهو كافر باتفاق الجميع، سواء جحد الصلاة أو غيرها مما هو معلوم لمثله، وعلم أنه من دين الله، ولذلك كلام السلف الصحابة إنما هو في الترك، وهو شيء آخر، والمراد أن نؤكد هذه القضية، وأن نعرف أن من ترك جنس العمل فهو كافر؛ فالإنسان الذي يعيش في هذه الحياة، ولم يصل ولم يصم ولم يحج ولم يؤد الزكاة ولم يعمل أي عمل من أعمال الإيمان، إلا أنه يدعي أنه مسلم، فهذا لا يكون مؤمناً أبداً، وهو كافر، لكن بالنسبة لإجراء الأحكام الدنيوية لمن لا يعلم حاله، لمن يراه وهو يمشي بين المسلمين ويقول: أنا مسلم، ويسمي نفسه باسم من الأسماء الإسلامية، ويقول أحياناً: أشهد أن لا إله إلا الله أو ما أشبه ذلك، فهؤلاء نعاملهم بحسب الظاهر، وما أمرنا أن نتتبع أحوال الناس وبواطنهم، لكن من عرف هذا منه فإن له معاملة الكافر، فلا تؤكل ذبيحته ولا يزوج، ولا يصلى عليه إذا مات، وليدع المسلم غيره ليتولى ذلك إذا مات، فهذا هو الذي يجب أن يعلم.