إن عمل القلب هو الأساس في الإيمان، وهو الذي يحرك الإنسان لفعل الطاعة، أو يزجره عن فعل ما حرم الله تبارك وتعالى، فهذه هي حقيقة الإيمان فكيف يخرج عمل القلب أو عمل الجوارح عن الإيمان، ولهذا نبهنا كما في أول كلام الشيخ رحمه الله أن هذا القول كان مدعاة لظهور وانتشار الفسق والمعاصي؛ لأن الناس تتجرأ عليها، وليس من الحكمة أن يذكر بعض ما يستفيد منه أهل الباطل وإن كان حقاً، فمن كان في بيئة تبرج وسفور وانحلال وأخذ مثلاً كتاب الحجاب لأحد المشايخ الذين لا يرون وجوب تغطية الوجه -وهو رأي مرجوح بل شاذ- وهو يقرر فيه أن هذا هو الحق ويذكر آيات وأحاديث، فإن هذا ليس من الحكمة وإن كنت ترى فرضاً أنه هو الراجح. نفرض أنك ترجح أن ترك الصلاة لا يخرج من الملة، فهل تقوله في أمة تخلت عن صلاتها وتركت دينها أو تأتي بأحاديث الوعيد وما يشبهها؟ فنقول: إن قول
المرجئة هذا حتى لو كان صواباً في ذاته، أو رأى بعضهم أنه الصواب فإنه أدنى إلى ظهور الفسق وانتشار المعاصي وهذا كافٍ في نهي الإنسان عن نشره، فكيف وهو في الحقيقة غير صواب ولا صحيح، ولا بد للإنسان أن يعمل بقلبه، وأن يكون بجوارحه عاملاً مجاهداً كما ذكر الله تبارك وتعالى: ((
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ))[الحجرات:15] فهؤلاء هم الذين صدقوا في دعوى الإيمان، أما من زعم أنه آمن فإنه لا يصدق إلا إذا أتى على ذلك ببينة.