موافقة الصوفية معتقد الهندوس في الجنة
يقول البيروني : (والصوفية لا يعدونها خيراً من جهة أخرى)، يقول: يزيدون على الهنود شيئاً آخر، (وهي التلهي بغير الحق والاشتغال عن الخير المحض بما سواه) يرون أن الاشتغال بالجنة والنار والحديث عنهما يلهي ويشغل عن الحق، والمطلوب أن يكون اشتغالك كله بالله. فنقول: بيننا وبينكم كتاب الله؛ فإن الله في كتابه الكريم قد أخبرنا عن نفسه، وهذا أشرف ما في كتاب الله، كما في سورة الفاتحة وهي أفضل السور، وآية الكرسي وهي أفضل الآيات، وكذلك سورة الإخلاص، والكافرون، ومع ذلك أخبرنا تعالى عما في الجنة من نعيم في سور كثيرة، كسورة الإنسان مثلاً، وحدثنا عما في النار من عذاب أليم في سور كثيرة جداً، وحدثنا الله عن القرون قبلنا وأخبارها، وعن أيام الله فيها والعذاب الذي أصابهم به في الدنيا، ونرى نحن آثار هذه العذاب أمام أعيننا كما نرى آثار من أنعم الله عليهم أمام أعيننا، فهذا يجعلنا نوقن بأن في الآخرة عذاباً ونعيماً ونصدق به. فالله تعالى قد أعطى إبراهيم وآله الذكر الحسن في العالمين كما أخبر تعالى، وهذا من النعيم في الدنيا، ودليل ذلك البيت الذي بناه إبراهيم عليه السلام، جعله تعالى معظماً محبوباً تهوي إليه القلوب والأفئدة من كل مكان وفي جميع الأزمان، وهذا تكريم وتفضيل من الله له، ولكن أين آثار عاد وثمود وأشباههم؟! ما بقي منها إلا أطلال وخرائب تدل على أن الله قد ابتلاهم وعذبهم: (( فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ))[القصص:58]، (( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ))[الأحقاف:25] لمن أراد أن يعتبر ويتبصر في أخبارهم.