موافقة الصوفية للهندوس في القول
يقول: (إن الهنود يذهبون إلى أن المعبود والمعبودات شيء واحد) وهذا هو المعروف بوحدة الوجود، والمصطلحات الصوفية الثلاثة -الحلول، والاتحاد، ووحدة الوجود -يدور حولها كفر الصوفية وقد سبق أن فرقنا بينها، وقلنا: إن وحدة الوجود هي: أن الموجودات عين واحدة وذات واحدة، وأهل الاتحاد يثبتون حقيقتين وذاتين تتحدان فتكونان ذاتاً واحدة، وهما في الأصل ذاتان مختلفان، فأصحاب وحدة الوجود والاتحادية مثل فلاسفة اليونان وفلاسفة الهندوس عموماً، وتبعهم بعض من يدعي أنه من المسلمين، ومنهم ابن سبعين على ما يظهر من كلامه، وفي بعض كلام ابن عربي وغيره ما يدل على ذلك.وأما الحلولية فيثبتون ذواتاً حقيقة، لكن يرون أنه يمكن أن يحل الخالق في المخلوقات، وأوضح مثال على ذلك معتقد النصارى ، فدين النصارى يقوم على الحلول، وهو أن الله تعالى حل في عيسى، أي أن الإلهية حلت في عيسى عليه السلام.والفرق بينهما -كما ذكر شيخ الإسلام في الجواب الصحيح وغيره- أن النصارى اعتقدوا أن مخلوقاً واحداً يحل فيه الله، وهو عيسى عليه السلام، أما الصوفية فإنهم يعتقدون أنه يحل في أئمتهم، ومنهم الحلاج الذي ادعى الحلول وكثير منهم مثله، فمنهم من كان يقول: ما في الجبة إلا الله! ومنهم من كان يقول: سبحاني سبحاني ما أعظم شأني! فكل زعماء الصوفية ، وكل من تصوف وتعمق في التصوف وإن انتسب إلى أي طريقة، بأن ادعى أنه قادري أو نقشبندي أو رفاعي أو تيجاني أو براهمي أو ختمي أو غير ذلك؛ كل أولئك تجدهم يعبرون بأن الله حل فيهم، ويتكلمون باسم الله، ويقولون: إن ذواتهم قديمة، كما هو واضح في أخبارهم. فالمقصود أن أصل القضية عند الهندوس أن الموجود شيء واحد، فانظر إلى هذا المذهب الخبيث الباطل الذي تتفق جميع الأديان على بطلانه؛ حتى العرب مع ما كانوا عليه في جاهليتهم من شركهم بالله ما وصل بهم الانحدار في التفكير إلى هذا المستوى، وقد كانوا أقرب إلى الفطرة، يعبد أحدهم الصنم من التمر فإذا جاع أكله لعدم وجود الاقتناع الداخلي به، ويطوف بالصخرة ويعبدها فيأتي وقد بال الثعلب عليها فيقول: أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ضل من بالت عليه الثعالب فالعرب كانت عندهم فطرة سليمة، ولكنه الاتباع والتقليد، كما قال الله تعالى عنهم: (( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ))[الزخرف:22]، وقال تعالى عنهم: (( بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ))[البقرة:170]، وكذلك حمية الجاهلية، كما قيل لـأبي طالب : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟! أما الأمم الأخرى فإنها ارتكست إلى هذه الضلالات والسخافات.