الفرق الثالث: أن الإهداء إنما يكون لمن مات، فهو غير الوكالة، فلا يصح أن تعمل عملاً من أعمال الخير ثم تقول: أهدي هذا الأجر لفلان وهو حي، وفيه خلاف بين العلماء، إلا أن الصحيح أنه لا يصح، وإن صح فإنما يكون في حالات معينة مخصوصة فصلها بعض العلماء، أما أن يفتح الباب للإهداء فهذا يكون من دواعي وذرائع التواكل، فإن الحي مأمور بأن يجتهد في طاعة الله، ولا يتكل على غيره، فلو أن كل عامل للقربات قال: أهدي أجرها لفلان؛ لأدى ذلك إلى التواكل، وأما الميت فإنه قد مات ولا يستطيع أن يعمل شيئاً، ولا يستطيع أن يزيد حسنة ولا أن ينقص سيئة، فهو محتاج إلى ذلك، فالأمر مفهوم المعنى في حقه، أما الحي فالواجب عليه أن يعبد الله تعالى وأن يجتهد في ذلك، فإذا أراد الإنسان أن يحسن إليه فليدع له، وهذا سائغ، أو يعطيه ما يتصدق به مثلاً، أو يستنيبه في أمر من الأمور، فإذا استنابه فقال له -مثلاً-: ادفع عني كذا، أو: جزاك الله خيراً إن أحسنت عني بكذا أو تصدقت عني بكذا وفعلت عني كذا؛ فإنه يحصل له الأجر؛ لأنه أنابه، وذلك قد وافق على هذه الإنابة.