يقول: "وخلاف
الإمامية داخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"،
الإمامية هم
الرافضة، وسموا إمامية؛ لأنهم يخرجون عن سائر فرق الأمة في مسألة الإمامة؛ فهم بزعمون أن الإمام منصوص عليه، وأنه معصوم، وأنه يجب على الله أن يعين الإمام ويجعله معصوماً فهم يتفقون مع
المعتزلة في الوجوب على الله، لكنهم يزيدون عليهم بأنه يجب على الله أن يعين الإمام وأن يجعله معصوماً؛ ولهذا يقولون: إن الله تعالى نص على أن الإمام هو
علي، وبعد
علي الحسن، وبعد
الحسن الحسين، وبعد
الحسين زين العابدين، وبعد
زين العابدين الباقر، ثم
الصادق ... إلى الإمام الثاني عشر بالنص والاسم.
فـ
المعتزلة يخالفون
الإمامية في مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأكثر المذاهب مخالفة للعقل والنقل هم الروافض؛ فهم يقولون: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والجمعة والجماعة؛ كل هذه الواجبات ساقطة عن الأمة، إلا إذا قام الإمام المعصوم وأمر الناس أن يجاهدوا ويصلوا الجمعة والجماعة، ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر.
وهم يزعمون أن الظلم سينتشر في الأرض حتى يظهر المهدي، فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، والمهدي الذي يدعونه وينتظرون خروجه من السرداب ليس المهدي الذي ينتظره أهل السنة؛ فكأنهم يقولون: دع الظلم ينتشر ولا تأمر بمعروف ولا تنه عن منكر حتى يظهر الإمام فيغيره، ولذلك أسقطوا هذه الفرائض العظيمة.
وكان من أشهر أسمائهم الخشبية ؛ لأنهم لا يرون الجهاد، ويقولون: نتخذ سيوفاً من الخشب، حتى يظهر الإمام المعصوم ويدعو إلى الجهاد فيجاهد معه.. هذا أصل مذهب الإمامية وأصل مذهب الإثني عشرية، والذي هو مذهب الأكثرية من علمائهم الكبار إلى اليوم، وقد خالفهم في ذلك إمامهم الهالك الذي جاء بالثورة، وقال: إن الفقيه له ولاية نيابة عن الإمام المعصوم، ولهذا يجوز أن تقوموا معه وتأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وتغيروا، ولهذا أقيمت صلاة الجمعة و الجماعة وأشياء كثيرة أحدثها هو في دينهم، وهذا مخالف لما في المذهب، وقد أتى بنصوص من كلام الأئمة تشهد لما ذهب إليه؛ فقد قالوا: "وإن كنَّا غائبين، فالفقهاء يحكمون فولّوا هؤلاء الفقهاء"، ولهذا كان من هذا الجانب مرشداً للثورة، لكن لا يحكم هو مباشرة، وإنما ينوب عنه شخص آخر، فيقوم ببلاغاته وكتاباته نيابة عن الإمام، فإذا ظهر الإمام انتهت مهمته.
ومن خلال ما ذهب إليه الإمامية في مذهبهم من إبطال الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإسقاط الجمعة والجماعة يظهر الذكاء اليهودي الخبيث، فلو أن أحداً أراد أن يبطل دين الإسلام لما كان لديه حيلة أفضل من هذه الحيلة، وكل عدو للإسلام يعلم علماً يقينياً أنه لن يستطيع أن يقول للناس: لا تصلوا الجمعة ولا الجماعة، وعليكم أن تكفروا الصحابة، وألا تؤمنوا بالقرآن، لأنه لن يصدقه أحد، وقد صرح بذلك بعض الزنادقة والملاحدة فقالوا: لو قلنا ذلك للناس ما اتبعنا أحد، وإنما ندخل عليهم من باب التشيع لأهل البيت، فنكفر الصحابة بناءً على أنهم أخذوا الإمامة من علي، ثم نطعن في القرآن، فنقول: إنَّ أبا بكر وعمر وعثمان كتبوا القرآن وزادوا فيه ونقصوا، ونقول عن السنة: ما رواها إلا أبو هريرة وفلان وفلان، من الذين خالفوا علياً، أما الجمعة والجماعة فنقول: لا تصح إلا بالإمام، ولا وجود للإمام؛ فلا جمعة ولا جماعة، ولا جهاد، ولا قرآن، ولا سنة، ولا صحابة، فما بقي من الإسلام شيء! فهذا من ذكائهم والعياذ بالله.
فرأى المعتزلة أن هذا هدم للدين، ولهذا قالوا: نحن نخالف الإمامية في مسألة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام به،خلافاً لما تقوله هذه الفرقة الضالة، ولهم في ذلك كلام سيأتي إن شاء الله.