بقي أن نقول: ما نوع الذنوب التي تكفرها المصائب؟
أما أعظم الذنوب وشر الذنوب وأخطرها -وهو الشرك بالله- فلا تكفره المصائب والابتلاءات من الأمراض والهموم والحزن والوصب والنصب وغير ذلك، فالشرك بالله لا يكفره شيء غير التوبة منه، فلا بد من أن يتوب العبد من الشرك ويدخل في التوحيد إن كان كافراً أصلياً، أو يعود إلى الإيمان والتوحيد إن كان مرتداً بعد إيمانه نسأل الله العفو والعافية.
وإذا أصيب المشرك بمرض أو مصيبة وصبر واحتسب فإنه يعطى أجره في الدنيا ثناءً من الناس أو ذكراً عندهم بعد موته، أو يعطى أجره بالطمأنينة، أو براحة المرض أو خفته، أو بأن يرزق الصبر على المرض، ولا شك في أن الصبر يعطي المريض طمأنينة وراحة وارتياحاً، بخلاف حال القانط مسلماً كان أو كافراً، فإن من يقنط أو يتسخط من المرض أو البلاء يزداد ألماً، وأما من يصبر فإنه يطمئن ويرتاح ولو كان كافراً، فالله تعالى لا يضيع عمله في الدنيا، بل برحمته وفضله يجازي الكافر على ما عمله من صدقة أو إحسان أو صبر أو شجاعة، فيعطيه جزاءه في هذه الدنيا، أما في الآخرة فقد قال تعالى: (( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ))[هود:16]، ولا ينفعهم أي قربة يتقربون بها إلى الله، كما قال تعالى: (( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ))[الفرقان:23].
ولذا يجب أن نؤكد جميعاً -الخطيب والداعية والمعلم- على خطر الشرك وضرره دائماً وأبداً، ويجب أن لا يمل هذا التأكيد أبداً؛ لأن الشرك أخطر الذنوب وأعظم الذنوب، وقد أكد الله تعالى خطره وضرره، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم.