إن النصوص التي جاءت في المصائب التي تصيب المؤمن وما يناله من فضل في ذلك كثيرة، ويمكن أن نقسمها بحسب موضوع التكفير إلى قسمين كبيرين:
القسم الأول: ما يدل على التكفير نصاً وصراحة، كما سنبين أنواعه إن شاء الله تبارك وتعالى، أعني النصوص الدالة على أن المصائب التي تنزل بالعبد المؤمن يكفر الله تبارك وتعالى بها عنه خطاياه.
القسم الآخر: النصوص الدالة على أن المصائب التي تنزل بالعبد المؤمن يؤجر عليها ويثاب وينفعه ذلك، فهي لا تدل صراحة على تكفير الذنوب ومحوه الخطايا، لكنها تدل على حصول الأجر للمصاب، وحصول الأجر للمصاب هو فرع عن قبول الله تبارك وتعالى لصبره على المصيبة وتحمله لها، أو هو فرع عن تكفير الله سبحانه وتعالى له ذنوبه بالمصيبة، لكنه لا تصريح فيها بذلك التكفير، وهذا إذا فهم يجلي -إن شاء الله تعالى- ابتداء ما في كلام الشارح رحمه الله مما يشبه الغموض، ففي كلامه شيء من الاضطراب أو الغموض فيما يتعلق بهذين النوعين، فإذا قسمنا النصوص إلى هذين القسمين يتضح -إن شاء الله- الحديث فيهما، ولا سيما عندما نفصل.
أما القسم الأول -وهو ما يتعلق بتكفير الذنوب- فإن النصوص الدالة عليه -أي: على أن المصائب تكفر الذنوب وتحط الخطايا- ثابتة وصحيحة، فهذا أصل عظيم وقاعدة عظيمة دلت عليها نصوص شرعية كثيرة والحمد لله.
فمن ذلك نصوص وأدلة شرعية تدل بعمومها على تكفير الخطايا عامة، أي أن هذه الأدلة تدل على أن المصائب في الجملة دون تخصيص نوع منها تكفر الذنوب، وهذا هو النوع الأول من هذا القسم.
النوع الثاني: دل على أن مصائب بعينها تتضمن لمن ابتلي بها أو أصيب بها أن يكفر الله تعالى عنه خطاياه.