انحراف أهل البدع في معنى الرجاء
نقول هذا وجدير بنا أن نقوله لكي لا يتوهم أحد أن الرجاء الذي شرعه الله لنا وندبنا إليه وأمرنا به ولا تستقيم العبادة إلا به يعني الغرور ويعني التواكل، ويعني الرجاء الذي فسره من فسره من الفرق المنحرفة كـالمرجئة و الروافض و الصوفية وأشباههم، فقالوا مثل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم في المجالس، يقولون: أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى خير ولا شك في ذلك، ولا شك في أنها في الخير وإلى الخير والحمد لله، وأن الخير في أولها وفي وسطها وفي آخرها كما جاء في الحديث، لكن ليس المقصود أن أي رجل انتسب إليها فهو منها والخير نائله، إنما من كان منها حقيقة لا بمجرد انتساب، بل انتسب وحقق ذلك.ويأتي اليوم من غلا -بل ارتد وشذ -والعياذ بالله- كما فعل أحمد التيجاني وأمثاله- فيقول: لا يدخل النار من رآني، ولا من رأى من رآني، ولا من رأى من رأى من رآني... إلى السابع! وهذا ما لم يجعله الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فقد رآه قوم وكانوا من أهل النار حين كفروا به، كـأبي لهب وامرأته وغيرهما من الكفار، وكذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم قوم وآمنوا به وكان من أبنائهم من ارتد أو انحرف، فهؤلاء لا ينفعهم ذلك. لكن انظر كيف يبلغ الغرور بصاحبه حتى دعا الناس إلى الاغترار به فأصبح الناس يتعلقون به. أما ما روته الشيعة من هذا القبيل فحدث ولا حرج، يزعمون أنك إذا اعتقدت ولاية علي أو إمامته، واعتقدت مع ذلك -عياذاً بالله- أن الشيخين ظالمين أو كافرين أو مرتدين -كما يعتقدون- فقد أصبحت من أولياء أهل البيت، ورووا في آثار كثيرة: (لا يدخل أحد من شيعتنا النار إلا تحلة القسم) وتحلة القسم هي قوله تعالى: (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ))[مريم:71]، وهي أنه لا بد لكل إنسان من أن يجوز الصراط؛ لقوله تعالى: (( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ))[مريم:71]، فلا بد من أن يردها. فهذه تحلة القسم، لكن ينجي الله الذين آمنوا بمفازتهم فلا يدخلون النار، وأما أولئك فالكلاليب تخطفهم، نسأل الله أن يحفظنا من ذلك، وهذا ما يأتي إن شاء الله تعالى تفصيله فيما بعد.إذاً: هذا الانحراف الذي وقع في حياة المسلمين قديماً، والذي يقع في كل زمان -بل يرد على كل نفس-، هو أن مجرد كوننا من هذه الأمة، وكون القرآن كتابنا، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم هو رسولنا، يعني أنه ما علينا من حرج في أن نعمل ما نشاء.فيقال لمتوهم ذلك: قف عند مثل هذه الآية: (( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ))[النساء:123]، فعليك أن تجتهد وأن تعمل الصالحات وأن تحقق هذا الإيمان، وهذا ما سيتضح -إن شاء الله تعالى- في الحديث عن الآية التي بعدها، والآثار في هذا كثيرة جداً.