المادة    
يقول الشيخ رحمه الله: (ومن ادعى أن من الأولياء الذين بلغتهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم من له طريق إلى الله لا يحتاج فيه إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا كافر ملحد)، وهذا لا شك فيه، ولكنهم لا يدعون هذا بوضوح، فغالباً ما يدعون اتباع الشريعة الظاهره؛ فلهذا قال الشيخ رحمه الله: (وإذا قال: أنا محتاج إلى محمد صلى الله عليه وسلم في علم الظاهر دون علم الباطن، أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة، فهو شر من اليهود والنصارى الذين قالوا إن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول للأميين دون أهل الكتاب)، فهم قسموها بحسب الأحوال، فقرروا أنه يطاع في الظاهر، ولا يؤخذ عنه في الباطن، هؤلاء هم اليهود و النصارى، قسموها بحسب الأمم، فقالوا يطيعه الأميون ولا يطيعه أهل الكتاب، فهؤلاء مثل هؤلاء.
ويقول رحمه الله: (فإن أولئك آمنوا ببعض وكفروا ببعض فكانوا كفاراً بذلك)، وكذلك هذا الذي يقول: إن محمداً بعث بعلم الظاهر دون علم الباطن آمن ببعض ما جاء به، وكفر ببعضه، فهو كافر.
والذي نقوله هذا ليس هو ابن عربي و الحلاج فقط، بل يوجد الآن كثير ممن يقول هذا، ومنهم محمود محمد طه الذي كان في السودان ، وكان من أكثرهم مجاهرة، ويوجد في الهند ، وفي تركيا ، وفي بلاد الشام ، وفي بلاد أخرى كثير من هؤلاء الذين يصرحون بمثل ما يصرح به محمود محمد طه أو ابن عربي أو أمثالهم من دعوى ختم الولاية، أو دعوى اتباع الدين في الشريعة فقط، أي: في الأمر الظاهر، دون الحقيقة، أي: الأمر الباطن -والعياذ بالله- وهذا كفر لاشك فيه.
يقول الشيخ رحمه الله: (من قال: إنه يأخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم علم الظاهر دون علم الباطن، فهو أكفر من اليهود والنصارى الذين قالوا إنه رسول إلى الأميين فقط؛ لأن علم الباطن الذي هو علم إيمان القلوب ومعارفه وأحوالها هو علم بحقائق الإيمان الباطنة، وهذا أشرف من العلم بمجرد أعمال الإسلام الظاهرة)؛ وذلك لأن أصل دعوة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم هو إصلاح القلوب والباطن، ومعه وتبعاً له يصلح الظاهر.
(فإذا ادعى المدعي أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما عَلَّم هذه الأمور الظاهرة دون حقائق الإيمان، وأنه لا يأخذ هذه الحقائق من الكتاب والسنة فقد ادعى أن بعض الذي آمن به مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم دون البعض الآخر، وهذا شر ممن يقول: أؤمن ببعض وأكفر ببعض، ولا يدعي أن هذا البعض الذي آمن به أدنى القسمين).
يعني: من يفضل الباطن ويقول: لا آخذ الباطن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا أكفر من الذي يجعلها سواء، ويقول: لا آخذ هذا، وآخذ هذا، ووجه كونه أكفر أنه يجعل الأدنى والأقل الذي هو الظاهر للرسول صلى الله عليه وسلم، والأشرف والأفضل الذي هو الباطن لغيره.
يقول: (وليس هذا موضع بسط إلحاد هؤلاء، ولكن لما كان الكلام في أولياء الله والفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وكان هؤلاء من أعظم الناس ادعاء لولاية الله، وهم من أعظم الناس ولاية للشيطان، نبهنا على ذلك).
إذاً: الغرض هو التنبيه على ضلال هؤلاء في هذا الباب.