المادة    
يقول الشيخ رحمه الله: (فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين، وتكون لأهل البدع، وتكون من الشياطين، فلا يجوز أن يظن أن كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي لله)، وهذا تنبيه عظيم فلا يصح الظن بأن فلاناً ولي لله لمجرد أنه ظهر على يده شيء من الخوارق، والمعيار الدقيق للولاية هو اتباع هذا الرجل لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال رحمه الله: (بل يعتبر أولياء الله) يعني: يقاسون بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة، ويعرفون بنور الإيمان والقرآن، وبحقائق الإيمان الباطنة، وشرائع الإسلام الظاهرة، فمن لم تكن فيه هذه الأوصاف فليس له من الولاية حظ، وهو مجرد مشعوذ، أو كاهن، أو ساحر، أو محتال، أو ممخرق إلى غير ذلك من الأمور.
  1. الصلاة بدون طهارة

    يقول الشيخ رحمه الله: (مثال ذلك أن هذه الأمور المذكورة وأمثالها) يعني: أن يطير في الهواء، أو يمشي على الماء، أو يأتي بفاكهة الشتاء في الصيف كما قرر المؤلف: (قد توجد في أشخاص ويكون أحدهم لا يتوضأ) مع أنه معلوم أن الذي لا يتوضأ ليس له صلاة، والذي ليس له صلاة ليس له من الإسلام شيء، فكيف يكون ولياً؟
    وبعضهم يقول: إن الولي الفلاني بقي شاخصاً في مكانه بضع عشرة سنة، فمعناه أنه ما توضأ ولا اغتسل، فليس له حظ في الإسلام والعياذ بالله.
    قال المؤلف رحمه الله ناقلاً بعض هذه النماذج: (لا يتوضأ أو لا يصلي الصلوات المكتوبة، بل يكون ملابساً للنجاسات، معاشراً للكلاب، يأوي إلى الحمامات والقمامين والمقابر والمزابل، رائحته خبيثة، لا يتطهر الطهارة الشرعية ولا يتنظف)، وهذه الأحوال نقلت عن البطائحية الرفاعية ، الذين كانوا في أيام شيخ الإسلام ، وهم إلى اليوم موجودون وغيرهم من الصوفية ، وهذا حالهم، لا يصلون، ولا يتوضئون، ويلابسون النجاسات، ويعاشرون الكلاب، ويأوون إلى الحمامات والقمامين والمقابر والمزابل، فمن أين تأتي الولاية إلى هؤلاء؟! والذي يسيطر على هؤلاء، في حال هذه النجاسات هو الشيطان.
    يقول الشيخ رحمه الله: (وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جُنب ولا كلب ) وقال عن هذه الأخلية -أي بيوت الخلاء-: ( إن هذه الحشوش محتضرة ) أي: يحضرها الشيطان، وقال: ( من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) وقال: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ) وقال: ( خمس من الفواسق يقتلن في الحل والحرم، وذكر منها الكلب العقور ) )، فبمجموع هذه الأحاديث يُعلم أن من يخالف هذه الأحاديث فلا يمكن أن يكون ولياً؛ لأن الذي يأتي إليه أو يخاطبه أو يكلمه ليس من الملائكة، فالملائكة لا تدخل هذه الحشوش أو المراحيض، والملائكة لا تأمر بالفحشاء والمنكر، والملائكة لا تقتل البريء المعصوم، والملائكة لا تتصور بصور الكلاب التي يعاشرون ويخالطون، وإذا كانت المقابر التي يجلسون عندها مقابر عندها المشركين والكافرين فهذه أيضاً ليست مأوى الملائكة، بل مأوى الشياطين، فإذاً: هؤلاء عندما يعاشرون هذه الأمور فإنهم يرتكبون هذه المحرمات الظاهرة، ونستدل بهذا على أنهم ليسو بأولياء لله تبارك وتعالى وإن ادعوا ذلك.
  2. مباشرة الخبائث وأكل النجاسات

    يقول الشيخ رحمه الله: (فإذا كان الشخص مباشراً للنجاسات والخبائث التي يحبها الشيطان، أو يأوي إلى الحمامات، والحشوش) وهي الحمامات التي يسمونها الآن (السونة)، والحشوش هي بيوت الخلاء، أو المراحيض التي تحضرها الشياطين، فمنهم من يأكل الحيات والعقارب والزنابير كما يفعل عباد الهند إلى الآن، والبطائحية الرفاعية وأمثالهم ممن يأكلون الحيات، وهذه الحيات أكلها حرام، وكل ذوات السموم يحرُم أكلها، وهم يأكلونها، فإذا كان هذا الذي يزعم الولاية يعاشر الكلاب، ويأكل الحيات، ويأوي إلى مقابر المشركين، فمن أين تأتيه الولاية؟
  3. النفور عن سماع القرآن

    يقول الشيخ رحمه الله: (ويأكل آذان الكلاب -لعلها هكذا- التي هي خبائث وفواسق، أو يشرب البول ونحوه من النجاسات التي يحبها الشيطان، أو يدعو غير الله فيستغيث بالمخلوقات ويتوجه إليها، أو يسجد إلى ناحية شيخه) وهذا معروف عند الصوفية ، فمنهم من يسجد إلى ناحية الشيخ، فإذا كان الشيخ المعبود هو ابن عربي وقبره في دمشق ، وكان الطالب في المدينة فإنه يسجد جهة دمشق ، وإذا كان في بغداد فيسجد غرباً، وإذا كان في قرطبة سجد شرقاً، ناحية الشيخ -نعوذ بالله- ولا يخلص الدين لرب العالمين تبارك وتعالى.
    ثم واصل المؤلف في أوصاف هؤلاء قائلاً: (أو يلابس الكلاب أو النيران أو يأوي إلى المزابل والمواضع النجسة، أو يأوي إلى المقابر، ولا سيما إلى مقابر الكفار واليهود والنصارى أو المشركين، أو يكره سماع القرآن، وينفر عنه ويقدم عليه سماع الأغاني والأشعار، ويؤثر سماع مزامير الشيطان على سماع كلام الرحمن، فهذه علامات أولياء الشيطان لا علامات أولياء الرحمن)، وهذه هي القاعدة.
    قال الشيخ رحمه الله: (وهؤلاء الملاحدة يدعون أن الولاية أفضل من النبوة، ويلبسون على الناس، فيقولون: ولايته أفضل من نبوته..) فمن تلبيسهم على الناس أنهم يقولون: حتى النبي صلى الله عليه وسلم ولايته أفضل من نبوته، (ويقولون:
    مقام النبوة في برزخ             فويق الرسول ودون الولي)
    قال رحمه الله: (ويقولون: نحن شاركناه في ولايته التي هي أعظم من رسالته، وهذا من أعظم ضلالهم؛ فإن ولاية محمد صلى الله عليه وسلم لم يماثله فيها أحد، لا إبراهيم ولا موسى، فضلاً عن أن يماثله هؤلاء الملحدون، فكل رسول نبي ولي، فالرسول نبي وولي، ورسالته متضمنة لنبوته، ونبوته متضمنة لولايته).
    إذاً: يكون الترتيب عند الصوفية كما يلي:
    أعلى شيء الولاية، ثم النبوة، ثم الرسالة وهي أدنى شيء.
    وأما الترتيب الصحيح عند أهل السنة فهو أن أعلى شيء هو الرسالة، والنبوة في الوسط، وأدنى شيء الولاية؛ لأن الأولياء أتباع للأنبياء.
    إذاً: إذا ثبت أنه رسول فهو نبي وهو ولي، فالأصل أنه ولي لله، فضله الله وأوحى إليه فصار نبياً، ثم بلغه أو أمره بالإبلاغ فصار رسولاً على الاختلاف كما في معنى الرسول والنبي.
    يقول الشيخ رحمه الله: (فإذا قدروا مجرد إنباء الله إياه بدون ولايته لله، فهذا تقدير ممتنع) أي: لأنه لا يمكن أن يكون نبياً وهو ليس بولي؛ لأن الولاية أدنى من النبوة بخلاف قول هؤلاء، فالولاية عندهم أعلى، وعليه فيمتنع هذا، ولكن ظاهر كلامهم أنه يمكن أن يكون ذلك، أما عند أهل السنة فلا تناقض فيمكن أن يكون ولياً ولا يكون نبياً؛ ولهذا فأكثر الناس على أن الأنبياء معدودون، أما الأولياء فهم كثير، فكل المؤمنين يمكن أن يكونوا أولياء لله، ولكن على كلام هؤلاء المخالفين فلا يستقيم الأمر، وهذا دليل على كفرهم وضلالهم.
    ثم يأتي الشيخ بكلام لـابن عربي وفيه إشارة إليه، وهذا يبين أن الكلام على هؤلاء مضبوط في موضع آخر في كتابه درء تعارض العقل والنقل ، ويبين فيه أن هؤلاء أكفر من اليهود و النصارى والعياذ بالله، فمن يقول هذا القول من الصوفية وأهل البدع، ومن يدعيه أيضاً كـالباطنية و الرافضة الذين يدعونه لأئمتهم فهو أكفر من اليهود و النصارى الذين كفرهم الله تبارك وتعالى تكفيراً صريحاً في القرآن.