المادة    
قوله: وفسر الإيمان بالتصديق، فالإيمان عندهم هو التصديق، يقول الشارح: والنطق فيه الخلف، أي: والنطق بالشهادتين للمتمكن منه، وخرج بالمتمكن -وهو القادر- الأخرس فلا يطالب بالنطق، وهذا معروف.
ثم أعاد نفس الكلام: كمن اخترمته المنية قبل النطق من غير تراخٍ؛ فهو مؤمن عند الله؛ حتى على القول بأن النطق شرط صحة، أو شطر، بخلاف من تمكن وفرط.
قال: وموضوع هذا الخلاف: كافر يصلي يريد الدخول في الإسلام، وأما أولاد المسلمين فمؤمنون قطعاً، وتجري عليهم الأحكام الدنيوية ولو لم ينطقوا بالشهادتين طول عمرهم! فهذا لم ينطق بالشهادتين، ولم يصل ولم يصم، وهذه كلها مترتبة على شهادة أن لا إله إلا الله، وهذه هي المصيبة حينما يكون الدين أو الأيمان عندهم مفهومه هو هذا.
قال: وقوله: شرط، أي: خارج عن ماهيته، وهذا القول لمحققي الأشاعرة والماتريدية وغيرهم. أي: قال: شرط؛ حتى لا يجئ إشكال في الماهية؛ لأن الشرط لا يدخل في الماهية. قال: وقد فهم الجمهور أن مرادهم أنه شرط لإجراء أحكام المؤمنين عليهم؛ من التوارث، والتناكح، والصلاة خلفه وعليه، والدفن في مقابر المسلمين، ومطالبته بالصلوات والزكوات وغير ذلك؛ لأن التصديق القلبي -وإن كان إيماناً- والمفروض أن يقول: وإن كان هو الإيمان؛ لأن الإيمان عندهم هو هذا فقط. قال: لأن التصديق القلبي باطن خفي، فلا بد له من علامة ظاهرة تدل عليه؛ لتناط به الأحكام. أي أن هذه العلامة ليست منه، مثل أن تكون سائراً في الطريق فتجد على حافتها لوحة، فاللوحة هذه ليست من حقيقية الطريق، وإنما هي علامة على شيء معين.
فعندهم: أن قول لا إله إلا الله مجرد علامة، وهذه مصيبة كبرى في هذه المذاهب الباطلة.
قال: ومحل كونه مؤمناً في الأحكام الدنيوية ما لم يطلع على كفره بعلامة كالسجود لصنم، وإلا جرت عليه أحكام الكفر.
فالعلامة التي يرجحها هي علامة الإيمان وهو أنه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فإذا وجدناه يسجد لصنم اختياراً كانت هذه علامة تدل على كفره، وهذه العلامة تغلب تلك العلامة.