يقول المصنف: [فهذا إيمان هذه الطائفة الذليلة الحقيرة]، فقد وصفهم بالذل والحقارة؛ وذلك لأن من العجيب أنهم على قلتهم مختلفون، ولكل واحد منهم رأي، ولم يقم لهم في وقت من الأوقات مجتمع، ولم تكن هناك مدينة أو قرية عرفت بهم، وهذا دليل على أنها طائفة ذليلة حقيرة، ولم يكونوا كذلك لأنه ليس عندهم عقول ولا ذكاء؛ فقد كانوا أصحاب عقول وذكاء وعبقريات، ولكن الأمر كما قال تعالى: ((
فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ))[الأحقاف:26]، فلما صرفوا هذا الذكاء في غير اتباع الوحي، كان حالهم كما قال بعض العلماء: إن حال هؤلاء
الفلاسفة ومعهم
المتكلمون، كحال رجل أراد أن يقرأ في علم الجغرافيا، فلم يطمئن لما وجد من مساحات ومقاسات، فأراد أن يتأكد بنفسه ويقيس كل ما قرأه!! فسوف يضيع وقته دون أن يصل إلى علم أو حقيقة.
وقد يكون صاحب عقل وهمة، لكنه لما سلك طريقاً غير صحيح، وترك العلم النافع المهيأ المكتمل؛ لم يستفد شيئاً.
وهكذا حال
الفلاسفة، فإن القرآن والسنة فيهما كل ما يحتاجه الإنسان، وفيهما الترغيب في كل خير، والتحذير من كل شر، وفيهما جميع ما ينبغي لله تعالى من أسماء وصفات، وما يمتنع في حقه.. إلخ، لكن
الفلاسفة أبوا إلا أن يفكروا في ذلك وألاَّ ينقادوا للوحي، فمثلهم كمثل الرجل الذي ذكرنا.