المادة    
‏الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد قال المؤلف رحمه الله: (وصح عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه أنه قال: [ ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان: الإنصاف من نفسه، والإنفاق من إقتار، وبذل السلام للعالم ]، ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه ، وفي هذا المقدار كفاية وبالله التوفيق).
ثم قال: (وأما كون عطف العمل على الإيمان يقتضي المغايرة فلا يكون العمل داخلاً في مسمى الإيمان، فلا شك أن الإيمان تارةً يذكر مطلقاً عن العمل وعن الإسلام، وتارة يقرن بالعمل الصالح، وتارة يقرن بالإسلام، فالمطلق مستلزم للأعمال، قال تعالى: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ))[الأنفال:2]، وقال تعالى: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ))[الحجرات:15]، وقال: (( وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ ))[المائدة:81].
وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا تؤمنوا حتى تحابوا )، وقال: ( من غشنا فليس منا )، وقال أيضاً: ( من حمل علينا السلاح فليس منا ).
وما أبعد قول من قال: إن معنى قوله: (فليس منا) أي: فليس مثلنا، فليت شعري من لم يغش يكون مثل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟]
سبق أن ذكرنا ما يفيد دخول العمل في الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وعبد الله بن مسعود و معاذ بن جبل و عبد الله بن رواحة وأمثالهم، وقد ختمنا ذلك بهذا الأثر العظيم الذي جاء عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، وهو يعد من أعظم الآثار في مسألة الإيمان، وقد رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في الصحيح معلقاً، لكن وصله ابن أبي شيبة في المصنف وغيره كما ذكر الحافظ رحمه الله وهو صحيح؛ وفي رواية: [ ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان ]، أي: ثلاث خلال أو صفات، وفيه دليل على زيادة الإيمان ونقصانه، وعلى اختلاف الروايات فما قاله عمار هو من الحكمة التي تعلمها من معلم الحكمة الذي آتاه الله الحكمة، وهي من أعظم ما يقتدي بها السائرون على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمقتفون لأثره وطريقه في الدعوة إلى الله أن يتحلوا بهذه الخلال الثلاث ليستكملوا بها الإيمان. وأولها:
  1. إفشاء السلام وأثر ذلك على الإيمان

  2. الإنصاف من النفس وأثر ذلك على الإيمان

  3. الإنفاق عن إقتار وأثر ذلك على الإيمان