ثم قال رحمه الله بعد أن ذكر الموانع الأحد عشر هذه: (فإن كان -يعني العبد- ممن لم يشأ الله أن يغفر له لعظم جرمه، فلابد من دخوله إلى الكير) فهذا عبد أجرم وعظم جرمه -نسأل الله العفو والعافية- ولم توجد فيه الموانع، فلم يلق الله بتوبة ولا استغفار ولا حسنات مكفرة، ولا طهره الله تعالى بمصائب وذنوب، ولا طهره الله بعذاب القبر ولا بأهوال يوم القيامة، ولم تنفعه شفاعة أو دعوة أو قربات من المسلمين؛ لأن ذنبه أعظم، وميزان الخطايا والسيئات أعظم من هذه الموانع كلها، فهذا رجل غلبت آحاده عشراته، ولم يحصل على أي شيء من هذه الفضائل، وهي موانع عظيمة جداً، وكلها قد فاتته؛ فهذا لا بد من دخوله إلى الكير، يعني: إلى النار، وهذا استعارة من المؤلف رحمه الله.قال: (فلا بد من دخوله إلى الكير ليخلص طيب إيمانه من خبث معاصيه، فلا يبقى في النار من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان)، فهذا ذنبه أعظم وأكبر من أن يطهر فيجازى بذلك، نسأل الله العفو والعافية، فلا يزال يطهر وينقى فيها حتى يصفو إيمانه من خبث الذنوب والدرن الذي كان على قلبه إلى مقدار ما يبقى في قلبه من إيمان، فينجو من بقي في قلبه ذرة من إيمان قبل من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، ومن كان كذلك ينجو قبل من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، لا يظلم الله تبارك وتعالى أحداً، فيؤخذ بقدر ذنوبه وبقدر أعماله.قال رحمه الله تعالى: (بل من قال لا إله إلا الله كما تقدم من حديث
أنس رضي الله عنه)، وهذا يعني أن كل من قال: لا إله إلا الله صادقاً في ذلك لا بد من أن في قلبه شيء من الإيمان وإن قل، حتى لو لم يصل إلا إلى أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة فإنه لا يظلم أبداً، فيطهر ويمحص من الذنوب في النار حتى يخلص له هذا الإيمان وإن كان ضئيلاً، فيخرج بإذن الله فيكون من أهل النجاة ومن أهل الجنة.