المادة    
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال المصنف رحمه الله: [قوله: (ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه):
يشير الشيخ إلى الرد على الخوارج و المعتزلة في قولهم بخروجه من الإيمان بارتكاب الكبيرة، وفيه تقرير لما قال أولاً: (لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب مالم يستحله) وتقدم الكلام على هذا المعنى]
.
هذه الفقرة بهذا الإطلاق لا توافق حقيقة معتقد أهل السنة والجماعة ، فلا بد من تعديلها أو تقييدها؛ ذلك أن ترك الصلاة -وهو ذنب عملي- يكفر به أهل السنة والجماعة ؛ إذ قد ثبت الإجماع على تكفير تارك الصلاة عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
إذاً: فالقول بأنه لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله بإطلاق ليس بصحيح، والصحيح أن يقال: ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب غير مكفر ما لم يستحله؛ لأن بعض الذنوب يكفر بها عند أهل السنة؛ فهناك ذنوب يشترط في التكفير بها الاستحلال -كالخمر والسرقة والزنا- وهناك ذنوب لا يشترط في التكفير بها الاستحلال؛ لأن الكفر في عقيدة أهل السنة والجماعة منه الكفر العملي، كأن يعبد الرجل غير الله، ويدعو غير الله، أو يسجد للأصنام، أو يسب الله ورسوله، أو يهين المصحف، أو يبدل شريعة الله ويحل مكانها شريعة التوراة والإنجيل، أو الياسق، أو القوانين الوضعية، وغير ذلك من أنواع الكفر العملي، ومن أبرز هذه الأعمال ترك الصلاة.
فـأهل السنة والجماعة يفرقون بين ذنب وذنب، أما المرجئة و الخوارج فلا يفرقون، فـالخوارج يكفرون كل من فعل كبيرة، والمرجئة لا يكفرون من فعل ذلك ما دام عنده أصل التصديق الذي هو الإيمان عند أغلبهم؛ لأن من المرجئة من يرى أن الإيمان هو التصديق فقط، ومنهم من يرى أنه التصديق والإقرار، ومنهم من يرى أنه قول اللسان فقط كما سيأتي إن شاء الله.