المادة    
ولذلك لما ذكر الإمام البخاري رحمه الله -وهو من الذين يقولون بأن الإيمان والإسلام مترادفان- باب: إذا كان الإسلام على الاستسلام ولم يكن على الحقيقة، وذكر آية الحجرات، وحديث سعد في الصحيح: ( عندما كان جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم ويعطي رهطاً من الناس مالاً، فقال سعد : يا رسول الله! أعط فلاناً؛ فإني لأراه مؤمناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو مسلماً، قال فلم أصبر فأعدت عليه ثلاث مرات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أو مسلماً، ثم قال: إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه؛ خشية أن يكبه الله على وجهه في النار ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري و مسلم و أحمد وغيرهم.
إذاً: فالنبي صلى الله عليه وسلم يفرق وخاصة في مقام التزكية، فيقول: (أو مسلماً) يعني: لِمَ لم تقل: إني أراه مسلماً؛ فلا أنازعك، فيرشده إلى أن يقول القول المقتصد في ذلك: (أو مسلماً).
فالصحابي معاوية رضي الله تعالى عنه لما جاء بالأمة إن كان يريد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم: أهذه الجارية مؤمنة أو مسلمة؟ فإنه يكون مثل حديث سعد ، وإن كان إنما جاء ليسأله: أتجزئ أو لا تجزئ؛ فإن الجواب بقوله: (أعتقها) كافٍ؛ لأنها تجزئ، فما هو المراد بالاتفاق -وهذا واضح من نص الحديث- أنه إنما جاء ليسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإجزاء لا عن الإيمان، فعلى هذا يكون كلام الإمام أحمد رحمه الله لا اعتراض عليه، وكلام الشيخ الألباني صحيح، لكن قد يفهم القارئ منه أنه يستدرك على الإمام أحمد ويعترض على كلامه، فنقول: لا، فكلام الإمام رحمه الله واضح، فلم يطعن في الرواية الأخرى، ولم يقل: هي غير صحيحة، وإنما ذكر الرواية التي هي مقتصرة على الجواب بالحكم، وأوضح ذلك فقال: وقد قال بعضهم بأنها مؤمنة، فهي حين تقر بذلك فحكمها حكم المؤمنة، هذا معناه، أي: فليس صحيحاً ما تقوله المرجئة من أن الإيمان هو القول فقط.
وأيضاً ليس شرطاً أن يكون صحيحاً ما يقوله بعضهم: إن الإسلام والإيمان مترادفان، قال الراوي: قلت لـأبي عبد الله : تفرق بين الإيمان والإسلام؟ قال: قد اختلف الناس فيه، وكان حماد بن زيد -زعموا- يفرق بين الإيمان والإسلام. قيل له: من المرجئة ؟ قال: الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل.
قلت -القائل شيخ الإسلام -: فـأحمد بن حنبل لم يرد قط أنه سُلب جميع الإيمان؛ فلم يبق معه منه شيء، والشيخ ذكر هذا هنا في حكم الفاسق الملي، وهو رحمه الله يفرق بين الإيمان والإسلام، فالفاسق مرتكب الكبيرة هو عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى مسلم وليس مؤمناً، وهذا الكلام هو في الناحية الحكمية.
  1. توضيح شيخ الإسلام لمسألة التفريق بين الإسلام والإيمان

  2. قول الزهري في التفريق بين الإسلام والإيمان

  3. قول الإمام أحمد في التفريق بين الإسلام والإيمان

  4. المفرقون من السلف بين الإيمان والإسلام

  5. ترجيح شيخ الإسلام وحكمه على الأقوال في معنى الإسلام والإيمان