المادة    
‏الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالشبهة الخامسة والأخيرة عند استعراض ونقض شبهات المرجئة والتي تعد من أقوى حججهم قديماً وحديثاً، يقولون: إن الله تبارك وتعالى كرر في القرآن مراراً كثيرة عطف الإيمان على العمل كما في قوله تعالى: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ))[البقرة:25] والعطف يقتضي المغايرة، وقد ذكرنا أن هناك ثلاث حالات لورود الإيمان في القرآن والسنة، فإما أن يقترن بغيره، وإما أن يذكر منفرداً كقوله تعالى: (( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ))[الشعراء:227]، وقوله: (( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا ))[يونس:4]، وقوله: (( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ))[البقرة:25]، وقوله: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ))[الحجرات:10] وغير ذلك، وهذه هي الحالة الأولى.
الحالة الثانية: أن يذكر معه الإسلام.
الحالة الثالثة: أن يذكر معه لفظ العمل أو غيره، وقد بينا معنى الإيمان في كل حالة، وأن الحالة الأولى يكون معنى الإيمان فيها إذا انفرد يشمل الدين كله، وإذا ذكر معه الإسلام فيكون معنى الإسلام الأعمال الظاهرة، والإيمان الأعمال الباطنة كما في آية الحجرات، وحديث جبريل.
وأما الحالة الثالثة أي: إذا جاء لفظ الإيمان مقترناً بالعمل الصالح فيكون معنى الإيمان التصديق والإقرار، ويكون معنى العمل الصالح -باطناً أو ظاهراً- الانقياد والامتثال لما صدق وأقر به.