المادة    
‏الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن استدلال المرجئة وغيرهم من أهل البدع باللغة فإن شيخ الإسلام رحمه الله قد تعرض له في أول الجزء السابع من مجموع الفتاوى عند كلامه رحمه الله عن المجاز؛ لأن المرجئة قالوا: إن إطلاق الإيمان على الأعمال مجاز، فناقشهم الشيخ في إثبات المجاز من أصله وبين أنه لا مجاز في لغة العرب ولا في القرآن بالتعريف الذي يعنيه المتكلمون، وأن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز إنما هو تقسيم مبتدع محدث، ولم يعرفه السلف الصالح، ولا دليل عليه من النقل ولا من العقل، وللفائدة فإن الدراسات اللغوية -عربية أو غيرها- كلها -أو الدقيقة منها- تؤكد بأنه لا يوجد مجاز في اللغة، وهكذا كثير من المعاصرين من العرب وغيرهم يؤكدون أنه لا يوجد في اللغة مجاز مطلقاً، وأن الكلمة إنما تكون بحسب السياق والاستخدام، وعلى افتراض أن المجاز يوجد في اللغة فلا مجاز فيما جاء به الشرع ووضعه من الأسماء والحقائق، وأقل ما يقال في هذه الأسماء: إنها أصبحت حقيقة شرعية، وهنا ذكر الشيخ موضوع استدلال المبتدعة ومنهم المرجئة باللغة، فيقول الشيخ رحمه الله: (وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين بإحسان، واعتمدوا على رأيهم).
وهذه قاعدة عظيمة في حياتنا، فالله عز وجل إنما شرع لنا الدين وأنزل الكتاب وبعث الرسل لنتحاكم إليهم، فالأهواء لو جمعت لها أكبر العقول في العالم وطلبت منها رأياً في شيء معين فإنها قد توفق للحق وقد لا توفق، وإن أصابت بعض الحق فلا بد أن تخطئ في الباقي، بخلاف الوحي فإنه حق خالص، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ لأنه من عند الله العليم بكل شيء، والمحيط بكل شيء تبارك وتعالى، أما البشر فلو عرضت عليهم مثلاً قضية اقتصادية، وجمعت لها أكبر مائة اقتصادي في العالم، وقرروا فيها رأياً بالإجماع، فلا يستبعد أن يأتي رجل برأي مخالف، أما الوحي فهو الحق والصواب.
ولذلك نجد أن المرجئة وغيرهم قد وقعوا في هذا حين تركوا الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم، الذين هم أعلم الناس بالكتاب والسنة. ‏
  1. ضرورة الوحي لضبط الأفهام

  2. من أسباب الخطأ في المسائل العلمية