المادة    
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال الشارح رحمه الله تعالى: [السبب الرابع: المصائب الدنيوية، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا غم ولا هم ولا حزن، حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر بها من خطاياه )، وفي المسند : ( أنه لما نزل قوله تعالى: (( مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ))[النساء:123] قال أبو بكر : يا رسول الله! نزلت قاصمة الظهر، وأينا لم يعمل سوءاً؟! فقال: يا أبا بكر ! ألست تنصب؟! ألست تحزن؟! ألست يصيبك اللأواء؟! فذلك ما تجزون به )، فالمصائب نفسها مكفرة، وبالصبر عليها يثاب العبد، وبالسخط يأثم.
فالصبر والسخط أمر آخر غير المصيبة، فالمصيبة من فعل الله لا من فعل العبد، وهي جزاء من الله للعبد على ذنبه، ويكفر ذنبه بها، وإنما يثاب المرء ويأثم على فعله، والصبر والسخط من فعله، وإن كان الأجر قد يحصل بغير عمل من العبد، بل هدية من الغير، أو فضلاً من الله من غير سبب، قال تعالى: (( وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ))[النساء:40]، فنفس المرض جزاء وكفارة لما تقدم، وكثيراً ما يفهم من الأجر غفران الذنوب، وليس ذلك مدلوله، وإنما يكون من لازمه]
.
  1. أقسام النصوص الواردة في التكفير بالمصائب

    إن النصوص التي جاءت في المصائب التي تصيب المؤمن وما يناله من فضل في ذلك كثيرة، ويمكن أن نقسمها بحسب موضوع التكفير إلى قسمين كبيرين:
    القسم الأول: ما يدل على التكفير نصاً وصراحة، كما سنبين أنواعه إن شاء الله تبارك وتعالى، أعني النصوص الدالة على أن المصائب التي تنزل بالعبد المؤمن يكفر الله تبارك وتعالى بها عنه خطاياه.
    القسم الآخر: النصوص الدالة على أن المصائب التي تنزل بالعبد المؤمن يؤجر عليها ويثاب وينفعه ذلك، فهي لا تدل صراحة على تكفير الذنوب ومحوه الخطايا، لكنها تدل على حصول الأجر للمصاب، وحصول الأجر للمصاب هو فرع عن قبول الله تبارك وتعالى لصبره على المصيبة وتحمله لها، أو هو فرع عن تكفير الله سبحانه وتعالى له ذنوبه بالمصيبة، لكنه لا تصريح فيها بذلك التكفير، وهذا إذا فهم يجلي -إن شاء الله تعالى- ابتداء ما في كلام الشارح رحمه الله مما يشبه الغموض، ففي كلامه شيء من الاضطراب أو الغموض فيما يتعلق بهذين النوعين، فإذا قسمنا النصوص إلى هذين القسمين يتضح -إن شاء الله- الحديث فيهما، ولا سيما عندما نفصل.
    أما القسم الأول -وهو ما يتعلق بتكفير الذنوب- فإن النصوص الدالة عليه -أي: على أن المصائب تكفر الذنوب وتحط الخطايا- ثابتة وصحيحة، فهذا أصل عظيم وقاعدة عظيمة دلت عليها نصوص شرعية كثيرة والحمد لله.
    فمن ذلك نصوص وأدلة شرعية تدل بعمومها على تكفير الخطايا عامة، أي أن هذه الأدلة تدل على أن المصائب في الجملة دون تخصيص نوع منها تكفر الذنوب، وهذا هو النوع الأول من هذا القسم.
    النوع الثاني: دل على أن مصائب بعينها تتضمن لمن ابتلي بها أو أصيب بها أن يكفر الله تعالى عنه خطاياه.
  2. النصوص الدالة بعمومها على تكفير ذنوب المرء بما يبتلى به من المصائب والهموم

    فأما الأدلة التي تدل بعمومها وجملتها على أن العبد المؤمن يكفر الله تعالى عنه خطاياه وذنوبه بما يبتلي به من المصائب والآلام والهموم وأنواع الابتلاءات؛ فهي كثيرة وصحيحة.
    فمن ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة وحديث أبي سعيد الخدري وحديث أبي هريرة رضي الله عنهم، وقد أشار الشارح رحمه الله تعالى إلى حديث عائشة رضي الله عنها، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها )، فقوله: (ما من مصيبة) يدل على العموم؛ لأن (ما) نافية، و(من) زائدة للاستغراق، وجاء بعدها (مصيبة)، وهي في سياق النفي، فدل ذلك على الاستغراق والعموم، أي: أيّ مصيبة، ثم زاد صلوات الله وسلامه هذا العموم توكيداً بقوله: ( حتى الشوكة يشاكها )، أي: فلا يظن ظان أن المؤمن إنما يثاب ويؤجر وتكفر خطاياه بقتل أو ضرب أو حرب أو سجن أو ما أشبه ذلك مما يعلم الناس جميعاً أنه ابتلاء وأنه مصيبة، بل نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المثال، وهو أمر عارض يعرض لأكثر الناس، ولا سيما إذا تصورت حياة الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان أكثرهم يمشي حافياً، وحيث كانت الطرق -كالحال في بعض البيئات وفي بعض القرى- محفوفة بالأشواك والأشجار، وحيث كان القليل منهم يجد النعل الجيدة، فهناك تجد الإنسان لا يكاد يسلم وهو في طريقه إلى مزرعته أو إلى أي مكان من أن تدخل في رجله شوكة فينتزعها ويمضي في طريقه، وهو حدث يومي عادي عارض، فنبه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا ليستيقن المؤمنون ويستبشروا برحمة الله وفضله ويعلموا أهمية وفضل الصبر والاحتساب الذي به يوفون درجتهم كاملة (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ))[الزمر:10] فإن المصيبة الواحدة أو الهم أو الغم قد يشترك فيه اثنان أو أكثر بنفس الدرجة من الألم، ولكن يفرق بينهما أن أحدهما بلغ به الصبر واليقين والإيمان درجة عالية، فيؤجر أضعاف ما يؤجر الآخر ويكفر من خطاياه أضعاف ما يكفر عن الآخر، وهذا ما سننبه عليه -إن شاء الله- في كيفية التكفير أو في نوعيته.
    فالمقصود هنا بيان أهمية صبر المؤمن واحتسابه، وأن لا يأسى على ما يصيبه من الآلام والمصائب ما دام يعلم أنها من عند الله وأنها مكفرة لخطاياه.
    وهذا الموضوع له علاقة بمبحث القضاء والقدر، وقد سبق الشرح فيه مستفيضاً، وله علاقة -أيضاً- بموضوع الصبر الذي قد نتطرق له في القسم الثاني إذا أشرنا إليه، وهو موضوع عظيم من أعظم ما حث الله تبارك وتعالى عليه في كتابه، كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: تأملت القرآن فوجدت أن الله تبارك وتعالى ذكر الصبر في أكثر من تسعين موضعاً.
    فانظر إلى هذه المزية لهذا العمل العظيم من أعمال الإيمان والتقوى، وقد فصل الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى وجوه مواضع الصبر فوزعها على ستة عشر وجهاً، أي: جاء الصبر مذكوراً في القرآن بأساليب متنوعة على ستة عشر وجهاً، كالثناء على أهله، وذكر فضله، وذكر جزائه.. إلى آخر ذلك، وذكر رحمه الله أيضاً أقسام الصبر وفضل كل واحد منها، وهي الصبر بالله، والصبر لله، والصبر مع الله.
    فالله تعالى قال في القرآن: (( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ))[النحل:127] فـ الصبر بالله معناه: الاستعانة بالله تبارك وتعالى؛ لأنه إن لم يُصَبِّر العبد فلن يصبر، فالله تبارك وتعالى هو المعين وهو المصبر للعبد، فالمحظوظ من رزقه الله تعالى الصبر على ما يقدره الله تعالى عليه وعلى ما يبتليه ويصيبه به لينال هذه الدرجة العظيمة.
    والصبر لله معناه: أن تعمل كل عمل لوجه الله، أي: محبة لله، ومن أجل الله، وقياماً بأمر الله، وتبليغاً لدعوة الله، ونصحاً للأمة، كما أمر الله تبارك وتعالى بأن يكون كل عملك لله عز وجل، وتصبر على ما تلاقي لله تبارك وتعالى.
    وأما الصبر مع الله فمعناه: أن تصبر على أوامر الله تبارك وتعالى، وأن تراقب الله تبارك وتعالى بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، وتصبر على ذلك.
    كما أن الصبر ينقسم إلى صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله.
    وقد ذكر الله تبارك وتعالى ما يدل على الفضل العظيم للصبر في قوله عز وجل: (( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ))[السجدة:24]، قال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى -وهو من هو علماً وفضلاً وصواباً وحكمة في الرأي-: (أخذوا برأس الأمر فجعلهم رؤساء على الناس) أي: لما أخذوا برأس الأمر وأعظم الأمر في هذا: الدين -وهو الصبر واليقين- جعلهم أئمة للهدى والتقى، فالصبر واليقين هما من أعظم حقائق الإيمان وأعمال الإيمان الباطنة، جعلنا الله من الصابرين ومن الموقنين؛ إنه سميع مجيب.
    وأخرج البخاري من حديث أبي سعيد الخدري و أبي هريرة رضي الله عنهما: ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها؛ إلا كفر الله بها من خطاياه ).
    وفي هذا الحديث زيادة في استغراق كل أنواع الألم، فإن النصب والوصب والهم والحزن يستغرق كل ما يتصور أن ينزل بالإنسان من البلاء؛ لأن بلاءه إما أن يكون ناتجاً عن مرض في جسمه من عند الله يبتليه به، وإما أن يكون ناتجاً عن ألم أو أذى خارجي عن الإنسان، كأن يضرب أو يؤذى من الناس، وإما أن يكون الأذى حسياً، وإما أن يكون معنوياً، فكل أنواع الأذى المتخيلة والمتصورة لا تخرج عن هذه الأنواع التي هي متقاربة في المعنى من حيث اللغة، وكلها متلازمة عادة، فالذي يمرض يناله هم المرض، والذي يهتم فإنه غالباً يتعب ويألم، وهكذا استغرق هذا البيان النبوي العظيم كل ما يمكن أن يصل إلى أن يؤذي الإنسان أو يؤلمه من الآلام المعنوية والآلام الحسية، وبشر صلى الله عليه وسلم بأنه يكفر الله تعالى به من خطاياه، وهذا فضل من الله تعالى عظيم.
    وأخرج البخاري كذلك من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من مسلم يصيبه أذى مرض فما سواه )، فنص على المرض لأنه أكثر ما يؤلم الناس عادة، وإذا ذكر البلاء أو المصيبة فأول ما ينصرف إليه ذهن الإنسان هو المصائب التي تقع في بدنه، فقد فطر الله تبارك وتعالى الإنسان على أن يحب العافية لبدنه، ولا إشكال في ذلك، لكن الناس قد يغفلون عن أهمية عافية القلب وعن ضرورة الاهتمام بصحته ودفع كل الأسقام والأمراض عنه.
    فالمرض هو أكثر ما يخطر في بال المرء، فذكره صلى الله عليه وسلم نصاً لهذا السبب، وربما كان المقام يقتضيه، ولكنَّه عمم بعد ذلك فقال: ( فما سواه )، فلا يختص ما سيذكر من الفضل بالمرض، بل يشمل كل مصيبة أو ألم ينزل بالإنسان، قال صلى الله عليه وسلم: ( إلا حط الله له سيئاته كما تحط الشجرة ورقها )، و(سيئاته) جمع مضاف يدل على استغراق كل أنواع السيئات ما عدا الكفر على ما سنوضح إن شاء الله، فالمقصود هنا المؤمن المسلم ما دام ثابتاً على ذلك لم يبدل ولم يرتد.
    ثم مثل النبي صلى الله عليه وسلم لزيادة الحط بقوله: (كما تحط الشجرة ورقها)، وأنت إذا رأيت أي نوع من أنواع الشجر الذي يحط ورقه إذا رأيته في فصول الخضرة وزيادة الطلع والورق تجد أنه يكاد يكون قطعة خضراء، وكأنه نسيج أخضر ملتف، ثم تنظر إلى هذه الشجرة إذا حطت ورقها فلا تجد إلا أعواداً جافة ليس عليها أي شيء.
    فهذا مثال عظيم وجلي يضربه النبي صلى الله عليه وسلم من واقع البيئة المشاهد الذي يراه الناس جميعاً مثلاً في حط الذنوب، وهذا دليل من الأدلة التي تدل على عموم التكفير بعموم المصائب.
  3. النصوص الدالة على التكفير بمصائب معينة

    وهناك أدلة خاصة تدل على مكفرات خاصة من الذنوب، منها ما رواه البخاري أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم ).
    فالمصيبة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هي فقد الإنسان لأحب الناس إليه، والغالب أن الإنسان يكون أبناؤه أحب شيء إليه، ولهذا ابتلى الله تبارك وتعالى وامتحن الخليل عليه السلام بذبح ابنه، فإذا فقد المرء المسلم ثلاثة من ولده؛ فإن الله تبارك وتعالى يكفر بذلك عنه خطاياه، فلا يدخل النار إلا تحلة القسم.
    وهناك مكفر آخر نص عليه، وفيه من الرحمة والحكمة الربانية الشيء العظيم، فقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم ( دخل على أم السائب -أو أم المسيب - فقال: مالك يا أم السائب -أو أم المسيب - تزفزين؟! -أي: ترتعدين- قالت: الحمى لا بارك الله فيها )، وهكذا يألم الناس حتى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكل إنسان لا يريد الألم ولا يريد أن يتعرض لهذا الشيء، وإذا أصابه ألم فقد يخرج من العبارات ما يدل على ألمه، فهي لم تتحمل ولم تطق الحمى، فقالت: لا بارك الله فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبي الحمى؛ فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد ).
    فانظر إلى هذه الرحمة الربانية، فالحمى من أكثر الأمراض شيوعاً؛ لأن الغالب أن الحمى وزيادة الحرارة مصاحبة للمرض، وإن كان هناك أمراض -نسأل الله أن يعافينا وإياكم منها- قد يكون فيها انخفاض للحرارة، لكن الغالب على الناس هو ارتفاع الحرارة في أبدانهم إذا مرضوا، وهذا دليل على سعة رحمة الله سبحانه وتعالى، فهذه من المكفرات التي تقع وتعرض لكثير من الناس وهم في غفلة عنها لا يعلمون أنها رحمة من الله سبحانه وتعالى، وأن عموم الابتلاء بها من مقتضى رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، فـ كلما كان البلاء أعم كانت الرحمة به أعم، وهذا من عظيم رحمة الله سبحانه وتعالى وسعتها وشمولها، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( إن لله تعالى مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة ) والذي نراه كله من آثار الرحمة التي لا يسع مقام لتفصيلها، إنما هو أثر من آثار رحمة واحدة من رحمة الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال تعالى: (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ))[الأعراف:156]، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمنا برحمته.
    فالحمى هذه يكرهها أكثر الناس، ويسارعون إلى العلاج منها، ولا ينكر السعي للعلاج منها، لكن المقصود أن من ابتلي بها عليه أن يصبر ويحتسب، وليثق بوعد الله كما أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وماذا تريد من أمر يقدم لك هذه الهدية العظيمة وهذا الفضل الكبير فيذهب الخطايا كما يذهب الكير خبث الحديد أكثر من ذلك؟!
    ومناسبة ذكر الكير لكونه حاراً، والحرارة تصهر الحديد فيتطاير ويذهب عنه الخبث، ويبقى النقي منه، وكذلك هذه الحرارة كأنها كير يوقد على جسم الإنسان فيتطاير منه الذنوب، وهي تعم جميع الجسد، فتخرج ذنوب الرأس -وما أكثرها- وما وعى، والبطن وما حوى، وذنوب السمع وذنوب البصر: (( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ))[الإسراء:36]، وذنوب اليدين، وذنوب الرجلين، وذنوب الفرج، فهذه الحمى تعم جميع الجسد، فتعم -بإذن الله تبارك وتعالى- جميع الخطايا فتذهبها وتنقي الإنسان منها كما ينقي الكير الحديد فيذهب خبيثه ويبقي جيده، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى.
    وهناك أدلة أخرى كثيرة، والمقصود من هذه الأحاديث الصحيحة التنبيه على كلا النوعين؛ أعني: ما دل على التكفير بعموم المصائب، وما دل على التكفير بمصائب خاصة.