ثم ختم
ابن القيم رحمه الله تعالى هذا المبحث بمسألة لا بأس بأن نذكرها، وهي الرؤى والمنامات،
والرؤى ليست دلائل مستقلة، فلا يرجع إليها في أخذ الأحكام الشرعية ومعرفة الحرام والحلال، وإنما درجتها في الدين هي ما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جعلها من المبشرات، فهي مبشرات لأنها (
جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)، فليست دليلاً مستقلاً، إنما هي مبشرات يأنس بها الإنسان ويستبشر، وإذا كانت الرؤى من رجل صالح، ودلت العلامات التي يعرفها أهل التأويل على صحتها؛ فإنه يعمل بها بقدرها، كما في الأمانات، كمن يموت فيرى بعض الناس هذا الميت يخبره أن لديه أمانة لفلان مثلاً، ويتفرس في هذا وينظر فيوجد كذلك، وهذا كثير، وقد عمل بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم بهذا. فالمقصود أن الرؤى مبشرات، وأن التواتر حاصل في أن بعض الناس ينتفع في قبره بعمل صالح يقدم، أو يرتفع عنه العذاب أو يخفف بسبب من الأسباب في قديم الدهر وفي حديثه، كأن ييسر الله تعالى أو يقيض له من يدفع عنه دينه، أو يزيل منكراً صنعه، أو يذهب الله تعالى على يديه سبب العقوبة التي حلت به ويريد الله تعالى له الخير في ذلك.