أسباب ظهور الإلحاد
للإلحاد في العالم الغربي أسباب محلية خاصة، وإنما انتقلت إلى المجتمعات الأخرى عن طريق الغزو الفكري والتقليد لما يحسبونه علماً وحضارة.
وهذه الأسباب مترابطة متضافرة وأهمها:
1- أن أوروبا لم تعتقد الإيمان الصحيح والدين الحق، بل تقلبت من جاهلية إلى جاهلية.
أ- فمن عبادة الأوثان والآلهة المتعددة عند اليونان والرومان في عصرها القديم.
ب- إلى النصرانية المحرفة في عصورها الوسطى.
ج- إلى الضياع والإلحاد والجاهلية المعاصرة.
وعليه فالدين الذي ألحدت عنه أوروبا ليس هو دين الله، وإنما هو النصرانية التي وضعها بولس ومن بعده وهي دين مملوء بالخرافات التي لا يقبلها العقل السليم والفطرة القويمة، وأعظم هذه الخرافات ما يتصل بالله تعالى كالتثليث وألوهية المسيح مع اعتقاد ولادته وصلبه، وكذلك خرافة الخطيئة والخلاص والأسرار المقدسة، هذا عدا ما حوته الأناجيل من تناقض وأخطاء علمية وتاريخية واضحة.
ومع ذلك فقد كان مفروضاً على النصراني أن يؤمن بهذه الخرافات بلا اعتراض ولا تفكير، حيث إن شعار النصرانية الدائم (آمن أولاً ثم فكر ثانياً) هذا في العقيدة.
وفي العبادة نجد أن النصرانية فرضت على أوروبا وغيرها (الرهبانية) وهي سلوك منافٍ للفطرة البشرية، فالخروج من هذا الدين -في حد ذاته- أمر يوجبه التفكير السليم بلا ريب، ولكن القضية هي أن البديل ليس الإلحاد، وإنما هو الإيمان بالدين الصحيح (الإسلام).
2- طغيان رجال الكنيسة: .
فقد جعلوا أنفسهم أرباباً للنصارى يشرعون لهم ما يشاءون ويفرضون عليهم الضرائب، ويتحكمون في عقولهم وإيمانهم بتوسطهم بينهم وبين الله، وفرض الاعتراف أمامهم بالخطايا وطلب المغفرة بواسطتهم، وغير ذلك مما يزخر به التاريخ الأوروبي.
3- الكشوف العلمية:
ما كان العلم يوماً من الأيام عدواً للدين ولكن الحق عدو للخرافة.
ومنذ أن اتجهت أوروبا للكشف والبحث العلمي، كانت معركة كبرى بين علماء الفلك والطبيعة، وبين رجال الكنيسة الذين تصدوا لهم بالحرب الشعواء، لأمرين:
أ - أن المنهج العلمي منقول عن المسلمين.
ب- أنه يصادم ما أدخلوه في الكتب المقدسة، من معلومات باطلة عن الكون والتاريخ.
وهكذا تعرض رواد الكشوف العلمية للاضطهاد الذي وصل إلى إحراق بعضهم بالنار.
وكلما تقدم الزمن ثبتت صحة الحقائق العلمية، وبطلان الخرافات الكنيسية، ولكن بعض أنصار العلم اشتطوا فهاجموا الدين كله من حيث هو دين، ولم يعتنقوا -أو يحترموا- دين الله الخالد الكامل (الإسلام).
وهكذا أوهموا الناس أن كل حقيقة تكتشف إنما هي نصر جديد للإلحاد على الدين.
4- اليهود:
العداوة بين اليهود والنصارى مزمنة، وكانت الكنيسة أيام سيطرتها تضطهد اليهود، بسبب فسادهم وإفسادهم، فلما كانت المعركة على الكنيسة، وجدها اليهود فرصة للانتقام منها، فوقفوا مع خصومها الملحدين. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يخطط اليهود لإقامة ما يسمونه (مملكة داود) على أنقاض الأديان والحكومات العالمية، ولهذا كان ضرورياً في خطتهم إفساد الأميين (غير اليهود) وإبعادهم عن الدين والأخلاق، ونشر الانحلال والإلحاد بينهم.
ولهذا كان أغلب زعماء المذاهب الإلحادية الهدامة يهوداً، كما أن اليهود يستخدمون المال والدعاية لنشر الإلحاد والفساد في العالم أجمع.
وللإلحاد مذاهب ونظريات كثيرة، أهمها: الشيوعية في الشرق، والوجودية في الغرب، هذا عدا أن هناك ملايين من الناس في أمريكا وأوروبا، لا يتبعون مذهباً معيناً، لكنهم لا يفكرون بمسألة الدين في قليل ولا كثير، فهم كما قال الله تعالى: ((بَلْ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمِينَ))[النمل:66].