الوطنية: أول ما ظهرت الوطنية بمفهومها المعاصر في مصر بعد الحملة الفرنسية، وكان هدفها فصل مصر عن العالم الإسلامي والخلافة العثمانية، نظراً لما لـمصر من مكانة وزعامة حضارية وعلمية في العالم الإسلامي.
وقد بذل المستشرقون وأشباههم جهوداً كبرى لإحياء (الفرعونية) في مصر من خلال التنقيب عن الآثار وبعث الأمجاد الفرعونية، وقد فعلوا مثل ذلك في جميع بلدان العالم الإسلامي.
وقد نجحت الفكرة الوطنية في مصر نجاحاً ظاهراً، وآمن بها الزعماء السياسيون، مثل ( سعد زغلول ) صاحب شعار (الدين لله والوطن للجميع) و ( مصطفى كامل ) صاحب شعار (لو لم أكن مصرياً لتمنيت أن أكون مصرياً).
وظهر ذلك لدى المفكرين والصحفيين والشعراء، حتى أن أحمد شوقي وهو المعروف بتأييده للخلافة والرابطة الإسلامية كان وطنياً أيضاً، ومن شعره:
أنا مصري بناني من بنى            هرم الدهر الذي أعيا الفنا
وانكشفت الأهداف المتسترة وراء هذه الفكرة، حين أعلن دعاتها أمثال الدكتور ( طه حسين ) أن مصر قطعة من الغرب لا صلة لها بالشرق من قريب ولا بعيد، وأن الفتح الإسلامي لـمصر ما هو إلا غزو عربي عسكري.
وطالب بعضهم بإلغاء الحروف العربية وإحلال الحروف اللاتينية محلها، واستخدام اللهجة العامية المصرية لغة بديلة عن الفصحى.
وقد ضعفت فكرة الوطنية المصرية لأسباب أهمها: تحول مصر بعد الانقلاب العسكري إلى فكرة القومية العربية -التي هي أعم من الوطنية والدعوى الاشتراكية العالمية - التي تتعارض بطبيعتها مع الوطنية.
إلا أن الوطنية لا تزال فكرة رائجة في بلدان العالم الإسلامي، وهي أحد العوائق دون وحدة الأمة الإسلامية.