كفر اليهود برسالة عيسى أشد الكفر، واتهموه بأشنع التهم، وسعوا في القضاء عليه وعلى من اتبعه منهم، ودبروا مكيدة لدى الحاكم الروماني أقنعته بالقبض على المسيح بغرض قتله وصلبه، ولكن الله تعالى نجاه منهم ورفعه إليه، وألقى شبهه على الجاسوس المنافق فصلبه الحاكم، قال تعالى عن المسيح: ((وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ.. ا لآية))[النساء:157].
واستمرت الحكومة الرومانية بتحريض اليهود ومعاونتهم في تعذيب أتباع المسيح وتقتيلهم ثلاثة قرون تقريباً، ونتج عن ذلك نتائج وأحداث كبرى في تاريخ النصرانية، أهمها:
1- ضياع الإنجيل الذي أنزله الله وتفرق المؤمنين به، وهذا ما جعل كثيراً منهم يكتب ما بلغه وسمعه عن المسيح سراً ودون تحقيق أو تدقيق، وهذه الكتابات سميت أناجيل.
2- ظهور دعوات وأفكار غريبة انتسبت إلى عيسى كذباً وزوراً، ولم يكن في أمكان أتباعه وهم في هذه الحالة القاسية أن يقاوموها ويبينوا زيفها.
وأهم هذه الدعوات في تلك المرحلة دعوة: ( شاءول ) الملقب ( بولس ).
- بولس :
يكاد الباحثون والمؤرخون المعاصرون من النصارى وغيرهم يجمعون على أن بولس هو المؤسس الحقيقي للدين النصراني المعروف اليوم.
ولا خلاف في أنه كان أول أمره من أشد اليهود عداوة للمؤمنين بالمسيح وتنكيلاً بهم، كما هو مسطر عنه في الرسائل المقدسة نفسها، وأنه تحول إلى المسيحية فجأة واعتنقها، وأصبح أعظم الرسل كما يسمونه.
وكان تحوله في الحقيقة مكيدة يهودية بعيدة النظر، فقد أخذ يهدم المسيحية من داخلها وينسخ منها ما شاء، ويضيف إليها ما شاء، مع أنه لم يلق المسيح ولم يره، وإنما ادعى أن المسيح يوحي إليه، فصدقه أكثر النصارى وسموه ( بولس الرسول ) وأصبحت رسائله فيما بعد من كتبهم المقدسة، والواقع أن بولس كان يؤمن بالمذهب الذي أسسه الفيلسوف اليهودي ( أفلوطين ) هو المذهب المعروف ( بـالأفلاطونية الحديثة ) وقد اقتبسه أفلوطين من الفلسفتين: الهندوسية واليونانية.