وهناك أئمة لهم كلام في العلو غير
أبي حنيفة، من ذلك كلام الإمام المحدث العلامة المجاهد
عبد الله بن المبارك رضي الله تعالى عنه.
قال الإمام
الذهبي رحمه الله: "صح عن
علي بن حسن بن شقيق قال: قلت لـ
عبد الله بن المبارك: كيف نعرف ربنا عز وجل؟ قال: في السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول
الجهمية: إنه هاهنا في الأرض".
ومما يمتاز به كتاب
مختصر العلو أن شواهده منقولة عمن يحتج بهم، ففيه أقوال عن الأئمة الأربعة وأئمة الحديث وأئمة اللغة، فلم يبق إلا أن يختار الإنسان؛ إما سفينة نوح وهي السنة التي تعصم من الغرق ومن الضلال بإذن الله عز وجل، فيكون مع المؤمنين -وهذا كلام الصحابة والتابعين وعلماء
السلف- وإما أن يكون من المغرقين والهالكين.
يقول المصنف رحمه الله: [ولا يلتفت إلى من أنكر ذلك -يعني: العلو- ممن ينتسب إلى
أبي حنيفة، فقد انتسب إليه طوائف:
معتزلة وغيرهم، مخالفون له في كثير من اعتقاداته، وقد ينتسب إلى
مالك و
الشافعي و
أحمد من يخالفهم في بعض اعتقاداتهم] ومن أعجب العجب أن المؤلفين المتأخرين حين يعرف أحدهم بنفسه أو يعرف به غيره يقولون: من تأليف الإمام العلامة فلان بن فلان المالكي مذهباً، الأشعري عقيدة، القادري طريقة! وأغرب من هذا ما قيل في
الطوفي:
حنبلي رافضي أشعـري ولعمري تلك إحدى الكبر
وهذا البيت قيل في
الطوفي، وكان من أعجب الناس، له كتاب في الأصول، وكان حنبلياً في الفقه، وأشعرياً في الصفات، ورافضياً في باقي العقيدة؛ خليط عجيب!
ونجد الحنفي يقول: الحنفي مذهباً، والماتريدي عقيدة، والنقشبندي طريقة.. مع أن الأئمة رضوان الله عليهم ما دعوا إلا إلى الكتاب والسنة، ولولا ذلك ما كانوا أئمة.