أصبح مذهب المعتزلة في -نهاية القرن الثاني الهجري- يمثل منهجاً فكرياً مستقلاً، وذلك لسببين:
1- ترجمة كتب الفلسفة اليونانية، فقد أقبل عليها المعتزلة، واهتموا بدراستها، وأسسوا علم الكلام مستوحى من قواعدها، كما سيأتي.
2- نبوغ طائفة من المعتزلة تتلمذوا على تلاميذ واصل، وعمرو بن عبيد، وأشهرهم: أبو الهذيل العلاف، وإبراهيم النظام.
وقد ابتدع كل منهما آراء كفرية خارجة عن إجماع المسلمين، وفي الوقت نفسه كان كل منهما يرد على الآخر ويكفره، وهذا هو حال أهل البدع دائماً، والحق أن من يتتبع حياة الرجلين، يجد فيهما من قبح السيرة، وسوء الاعتقاد، والجرأة على الله، ما يجعله يصدق ما نسبه إليهما المؤرخون، من الإلحاد والزندقة.
- المعتزلة وفتنة القول بخلق القرآن:
المعتزلة هم السبب الرئيسي في حدوث الفتنة، وامتحان الأمة بالمحنة الكبرى، لكي تعتقد بقوة الحديد والسجن، أن القرآن -الذي هو كلام الله- مخلوق.
فقد زينوا ذلك للمأمون، ثم للمعتصم الذي عذب الإمام أحمد وغيره، لكي يوافقهم على هذه الضلالة.