الفرس أمة عظيمة، فتح المسلمون بلادهم في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ودخل طوائف منهم في دين الله أفواجاً، ونبغ منهم قادة وعلماء، كان لهم في الجهاد والعلم قدم راسخ وفضل عظيم، ولكنها مع ذلك كانت بيئة ومنطلقاً لكثير من الفرق الضالة، يهمنا منها الآن ما يتعلق بالتشيع الغالي.
وهو أنه لما نفى أمير المؤمنين عبد الله بن سبأ إلى المدائن، لم تؤثر هذه العقوبة في إزالة الخبث اليهودي من نفسه، بل وجدها فرصة عظمى لنشر ضلالاته وسمومه في تلك النواحي، ووجد فيها تقبلاً وبيئة خصبة، للأسباب الآتية:
1- أنها بلاد أعجمية حديثة العهد بالإسلام، لم تتخلص نفوس عامتها من رواسب العقائد السابقة، فهم قابلون لتلقف أية دعوة، والتجسس لها.
2- أن بعض أبناء الفرس -وخاصة أصحاب المناصب والمال قبل الإسلام- يحملون حقداً شديداً على الإسلام وأهله؛ لأن الإسلام أسقط دولتهم، وهدم حضارتهم، وطمس ديانتهم المجوسية.
ولما كان مستحيلاً مواجهته بالقوة، لجئوا إلى التآمر والتخطيط السري لهدمه من الداخل.
ولا ننسى هنا أن نذكر أن اليهود هم طائفة مهمة من الشعوب الفارسية.
3- أن طبيعة أهلها تقديس الأسر الحاكمة، والغلو في الخضوع لها إلى حد تأليهها، وهي أسر تتوارث الملك، حتى أنه إذا لم يوجد في الأسرة إلا امرأة اختاروها للملك، ولم يختاروا أحداً خارج الأسرة مهما كانت منزلته في الدولة، ومهارته في السياسة والقيادة، كما فعلوا حين ولوا ابنة كسرى مع وجود رستم وأمثاله.
واعتماداً على هذه الأركان الثلاثة: الجهل والحقد والغلو في التعظيم والتقديس، أسس عبد الله بن سبأ معظم عقائد هذه الفرقة، وإليك البيان: