لقد تزامن إعلان الرئيس الأمريكي عن بداية المرحلة الثانية فيما يسمى الحرب على الإرهاب، مع صدور خطاب ستين من المثقفين الأمريكيين يبـرر هذه الحرب، كما تزامن إعلانه عن محور الشر بإعلان الستين عن تحديد الفئة الشريرة التي تشكل خطرًا على العالم كله بزعمهم، وجاء تعليلهم لأحداث (11 أيلول) بأنها حرب على الحرية مطابقاً لما افتـتح به الرئيس حديثه عن الأزمة، وجاء الخطاب على صيغة البيانات الثورية: "باسم المبادئ الأخلاقية الإنسانية العامة، وبوعي كامل لقيود ومتطلبات الحرب العادلة نؤيد قرار حكومتنا ومجتمعنا باستخدام حد السلاح... نرفع صوتاً واحداً للقول إن انتصار أمتنا وحلفائها في هذه الحرب حاسم، إننا نقاتل للدفاع عن أنفسنا، ولأننا نؤمن -أيضاً- أننا نقاتل من أجل حماية تلك المبادئ العامة المتعلقة بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، والتي تشكل الأمل الأفضل للنوع الإنساني''. لو أن العالم صدّق هؤلاء في دعوى تمثيلهم للأمة الأمريكية فسوف تكون خيبة أمل كبرى في أمة تعتبـر في طليعة شعوب العالم الحرة، لكن الشيء الذي يفتح ثغرة الأمل، ويبشر ببقاء الفطرة الإنسانية على خير، أن يكون هؤلاء الستون لا يمثلون الأمة التي تحدثوا عنها، بل هم -في الأغلب- ينتمون إلى تيار معروف ترفضه الأكثرية من المفكرين والشعب؛ بل ربما بعض مسئولي الإدارة السياسية نفسها. ومع ذلك فإن هؤلاء الستين لم يستبدوا بالحديث عن أمتهم فحسب؛ بل فوّضوا أنفسَهم للحديث عن أتباع الديانات العالمية الكبرى ( المسلمين، النصارى، اليهود، الهندوس ) وعوضاً عن التحذير من التطرف والعنف في كل حضارة ودين، وبيان أن العنف يولد العنف المضاد، ادعوا أن الخطر الوحيد على اتباع هذه الأديان جميعاً، بل على العالم كله هو الحركة الإسلامية - بكل فصائلها - واصفين تنظيم القاعدة بأنه "رأس حربة" لها، ولم يكتفوا بالتعميم والتضليل، بل جاءوا بالإفك الصريح فقالوا: '' وهي تجهر علناً برغبتها في استخدام القتل العمد لتنفيذ أهدافها ". إن هذه الحركة تمتلك اليوم ليس الرغبة المعلنة فحسب؛ بل القدرة والخبـرة بما في ذلك احتمال الوصول والرغبة في استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والرءوس النووية للانتقام عبر تدمير ضخم ومروع لأهدافها ''. وتجاوزوا اتهام الحركة الإسلامية إلى اتهام الحكومات الإسلامية بأنها ( تتسامح ) أو أكثر من ذلك ( تدعم ) هذه الحركات في بعض الأحيان!!