وفي أفغانستان انقلب الموقف الأمريكي بعد خروج السوفييت يجرون أذيال الخيبة والهزيمة، إلى استثمار حالة الفراغ السياسي التي أحدثتها الأحزاب بتفرقها وتقاتلها على الدنيا، وشرع الجيران في اقتسام ولاء المتحاربين ومنافسة الآخرين، فالروس يجتذبون فلول الشيوعيين، وإيران تجتذب الروافض، والهند تسعى لمنع النفوذ الباكستاني، والصين تقاوم المخطط الهندي، وتخشى سريان عدوى الجهاد إلى مسلميها المضطهدين. إلا أن باكستان أكثر الدول فرصة للفوز بحصة الأسد، وذلك بسبب وشائج الدين والقبيلة والروابط الاقتصادية، وهي تسعى لكسب ولاء أمريكا وشراكتها التجارية.
وبالفعل هرعت الشركات الأمريكية لدراسة الجدوى الاقتصادية للمنطقة ووجدوا أن الفرص هائلة سواء في الجمهوريات المستقلة التي سارع اليهود والأمريكان باكتشافها بمثل مغامرات الأوربيين لاكتشاف أمريكا، أو في نفط بحر قزوين الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد نفط الخليج، واستعاد المستعمرون الجدد ذكريات أجدادهم عن "طريق الحرير" الطريق القديم للقوافل التجارية بين شرق العالم وغربه، ووجد الأمريكان والباكستانيون أن العائق الوحيد يتمثل في فقد الاستقرار في أفغانستان التي لابد لكل طريق أن يمر منها.