ولا شك أن تارك جنس العمل متولٍ عن الطاعة معرض عن الامتثال؛ فالآيات الدالة على أن تارك الركن تارك للإيمان هي دليل على تركب حقيقة الإيمان من هذين الركنين معاً، ومنها:
1- قوله تعالى: ((قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ))[آل عمران:32].
2- قوله تعالى: ((وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ))[النور:47].
3- قوله تعالى في حق الكافر: ((فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى))[القيامة:31-32].
4- قوله تعالى: ((لا يَصْلاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى))[الليل:15-16].
5- قوله تعالى على لسان موسى وهارون: ((إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى))[طه:48].
يقول شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية: ''فعلم أن التولي ليس هو التكذيب، بل هو التولي عن الطاعة؛ فإن الناس عليهم أن يصدقوا الرسول فيما أخبر ويطيعوه فيما أمر، وضد التصديق التكذيب، وضد الطاعة التولي، فلهذا قال: ((فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى))[القيامة:31-32] وقد قال تعالى: ((وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ))[النور:47] فنفى الإيمان عمن تولى عن العمل وإن كان قد أتى بالقول...''
إلى أن يقول: "ففي القرآن والسنة من نفي الإيمان عمن لم يأتِ بالعمل مواضع، كما نفى فيها الإيمان عن المنافق، وأما العالم بقلبه مع المعاداة أو المخالفة الظاهرة، فهذا لم يُسمَّ قط مؤمناً، وعند الجهمية إذا كان العلم في قلبه مؤمن كامل الإيمان، إيمانه كإيمان النبيين، ولو قال أو عمل ماذا عسى أن يقول ويعمل، ولا يتصور عندهم أن ينتفي الإيمان إلا إذا زال ذلك العلم من قلبه''.
ويستمر رحمه الله في مناقشة الأشعرية في ذلك، ناقلاً عن كبار أئمتهم، ناقداً مذهبهم في صفحات طويلة.