من أسهل الأمور وأجلاها بيان فساد هذا الأصل؛ ولهذا سنكتفي بإيراد هذه الأدلة المجملة:
1- انعقاد الإجماع على ذلك من الصحابة والتابعين وتابعيهم -كما سبق- وهو إجماع مستند إلى النصوص الصريحة من الكتاب والسنة في زيادة الإيمان ونقصه، واجتماع النفاق والإيمان في القلب الواحد، واجتماع الشرك والإيمان في عمل الرجل الواحد.
2- تفاضل المؤمنين في الأعمال الظاهرة تفاضلاً لا ينكره إلا مكابر؛ فمنهم القانت الأواب، والمجاهد الدائب، ومنهم المقتصد، ومنهم الظالم لنفسه المنهمك في فسقه.
3- تفاوت المؤمنين في الأعمال الباطنة؛ كالحب والخوف والرجاء والذكر والتفكر في آلاء الله وآياته والخشوع واليقين...ونحو ذلك مما لا يجحده إلا معاند عامد.
4- تفاوت الناس في العلم بما يؤمن به - حتى لو سلم جدلاً أنه التصديق؛ فمنهم من يعلم من صفات الله وآياته وأسباب سخطه ومرضاته الشيء الكثير، ويؤمن بذلك ويعتقده مفصلاً، ومنهم من لا يعلم منه إلا النزر اليسير المجمل، فلا مراء في أن الأول مصدق بأضعاف ما الآخر مصدق به، فالمعرفة والعلم واليقين كل منها درجات متفاوتة، والإنسان الواحد نفسه يكون إيمانه بشيء أقوى من إيمانه بشيء آخر، ويكون إيمانه بالشيء اليوم أقوى منه غداً أو العكس.
5- أن الإيمان يتفاوت بتفاوت سببه ومستنده؛ فمن آمن بسبب آية خارقة رآها، ليس كمن آمن تبعاً لإيمان غيره من الناس أو نحو ذلك من الأسباب العارضة.