نعرض هنا نماذج من آراء
المستشرقين ومن اتبعهم من المحدثين والمعاصرين عن نشأة الإرجاء وفكره، آخذين في الاعتبار ما أشرنا إليه من أن المؤاخذ في الحقيقة هم هؤلاء المقلدون، فإنهم لو استخدموا عقولهم، وحاولوا الاستنباط بأنفسهم،لكان لهم العذر أو بعض العذر إذا أخطئوا, أما وهم ينقلون ويصرحون بالنقل عن
المستشرقين، ويتجاهلون تماماً كلام علماء الإسلام الثقات وأئمة السنة المشهورين- هذا إن لم يطعنوا في آرائهم- فلا بد من بيان فساد منهجهم إحقاقاً للحق وعبرة لمن يدرس الفرق والعقيدة، كي لا يغتر بصنيعهم، ولهذا لم أر مناقشة كلام هؤلاء، مع أن بعضهم أساتذة متخصصون في علم الكلام، بل اقتصرت على عرض كلام
المستشرقين لأنه الأصل!!
و
المستشرقون الذين تعرضوا للموضوع كثير، وسنكتفي بأهمهم وطرف من مقلديهم:
1-
فان فلوتن.
2-
يوليوس ويلهاوس.
وهما من أخبث
المستشرقين وأكثرهم أثراً في المقلدين، ونحن ننقل من كلامهما ما يغني بنفسه عن التعليق عليه:
فأما
فلوتن، فإن كتيبه السقيم يقوم على فكرة واحدة: هي أن الفتوحات الإسلامية كانت بغرض الاستعمار- على الطريقة الأوروبية- ومن هنا فسر نشأة الفرق بأنها انتقام من الشعوب المستعمرة ضد مستعمريها!!
يقول: '' لم يكن الغرض من الفتوحات الإسلامية هو إدماج شعب في شعب، أو العمل على نشر دعوة دينية معينة، وإنما هو احتلال بقوة السيف!!''
ويقول: وهكذا يصور لنا الاحتلال العربي بوجه عام شعباً يعيش على حساب شعب آخر
.
ثم يقول -بعنوان نشأة الفرق الإسلامية-: إن هذه الطوائف التي نشأت بين العرب في البلاد التي فتحوها، إنما كانت ترمي بادئ ذي بدء إلى غرض سياسي محض، رغم ظهورها بالمظهر الديني.
وبعد أن ذكر -كعادة
المستشرقين- أن الصراع على الخلافة هو الذي فرق المسلمين أحزاباً وشيعاً، أخذ في تفصيل هذه الأحزاب تفصيلاً، فقسمها على أربعة أحزاب:
'' 1- حزب بني أمية: ومقره
بلاد الشام، كان يرى أن أمراء هذا البيت أحق الناس بالخلافة.
2- حزب أهل
المدينة!!: وهم أنصار النبي الذين كانوا- لارتباطهم باليمانيين العرب- يعتبرون أن وصول بني أمية إلى الحكم إنما هو انتصار لأعدائهم القدامى من مشركي
مكة!!
3- حزب
الشيعة: هم أنصار أهل البيت المتحمسون للدفاع عن حقوقهم في الخلافة، ولا سيما حق
علي.
4- حزب
الخوارج: وهم الجمهوريون، وهم الذين كانوا يقولون باختيار الخلفاء من بين الأكفاء أياً كانت الطبقة التي ينتمون إليها!! ''
وفي حديثه عن
المرجئة خاصة يقول -ضمن حديثه عن الثورات التي قامت بها الشعوب المفتوحة على المستعمرين-: ''على أن بعضهم -أي الثوار- قد ذهب إلى أبعد من هذا -أي: المطالبة بالعدالة الاجتماعية بزعمه- فضمنوا عقيدة التوحيد معنى أخلاقياً ودينياً عميقاً ''.
فما هو هذا المعنى الأخلاقي الذي لا تتضمنه عقيدة التوحيد، حتى أدخله فيها ثوار العجم من
المرجئة؟
يشرحه قائلاً: ''وقد عُزي إلى
جهم بن صفوان -أحد رءوس
المرجئة وكاتم السر
للحارث بن سريج- هذه الكلمات: إن الإيمان عقد بالقلب، وإن أعلن الكفر بلسانه بلا تقية، وعبد الأوثان أو لزم
اليهودية أو
النصرانية في دار الإسلام، وعبد الصليب وأعلن التثليث في دار الإسلام ومات على ذلك، فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عز وجل، ومن أهل الجنة ''
.
'' وكان من الطبيعي أن تدفع مثل هذه العقيدة أصحابها إلى احتقار الفرائض العملية للإسلام، ووضعهم واجبات المرء نحو من يحيط به من الناس فوق آراء الفروض التي جاء بها القرآن!! ''يعني أن العدالة والمساواة بين الناس أهم من الالتزام بأحكام الدين!!
ثم يقول: '' ومن هذه الناحية كان الإرجاء في
خراسان أشبه شيء بأثر عكسي أخلاقي لذلك الإسلام الشكلي؛ دين الحكومة العربية في ذلك الحين، تلك الحكومة التي أصرت على عدم المساواة بين جميع رعاياها في الدين، باتباعها النظام الجائر لجمع الضرائب وجباية المكوس ''
.
وأما
يوليوس ويلهاوسون فيبدأ من النقطة نفسها، لكنه أكثر وقاحة
حين ينسب ذلك للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقول -أخزاه الله-: '' كان محمد قد بدأ خطواته وهو مقتنع بأن دينه في جوهره نفس الدين اليهودي والنصراني، فكان يتوقع أن يلقاه اليهود في
المدينة وقد فتحوا ذراعهم لاستقباله، غير أنه خاب فأله منهم خيبة مريرة، وبما أنهم لم يعتبروا
اليهودية معادية للإسلام، بل عدوها مخالفة له، فإنه هو من جهته جعل الإسلام يخالف
اليهودية، بل يخالف
النصرانية!! فحدد الصيغ والشعائر التي يتميز بها دينه، بحيث انفكت عن التعبير عن النقاط التي تجمع بين الإسلام وإخوانه من الأديان، بل وسَّعت شقة الخلاف ''.
وبعد أن ذكر أمثلة لذلك من الشعائر؛ كالجمعة والأذان وصيام عاشوراء ورمضان، قال: '' وبينما كان يؤسس الإسلام! على أسلوب يقضي على الطقوس
اليهودية و
النصرانية، كان يقرِّبه في الوقت نفسه من العروبة، فهو ما فتئ يعتبر نفسه الرسول المرسل للعرب خاصة!! فبدل القبلة، وأعلن أن
مكة هي الحرم المقدس بدلاً من
القدس، وشرع الحج إلى الكعبة، بل شرع تقبيل الحجر المقدس، وقبل مركز العبادة الوثنية في الإسلام، وأدخل الأعياد الوثنية الشعبية .... ''
إلى أن يقول: '' وهكذا فصل الإسلام عن
اليهودية، وبدل بحيث يصبح ديناً عربياً قومياً ''
.
ويذكر ما لا يطاق ذكره مما أسماه الإرهاب الذي أقامه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضد
اليهودية، وأنه تعلل بحجج واهية ليمحو اليهود من
الجزيرة، ويوِّرث أملاكهم ومزارعهم إلى المهاجرين- الذين كانوا بزعمه يعتمدون على الغزو -لأنهم حرسه الخاص... في كلام يكشف عن حقد يهودي أسود .
ومن هذا المنطق يتحدث عن الإرجاء و
المرجئة، فيجعلها إنسانية تطالب بالعدالة والمساواة للشعوب التي استعمرها الفاتحون المسلمون.
ويذكر أن الإسلام انقسم بسبب هذه المسألة قسمين: محافظ، وهو الذي يحترم الجماعة ويؤيد الوضع القائم، وثائر، ومن الثائر:
المرجئة و
الخوارج و
الشيعة.
ويقول: '' و
المرجئة هم بالحق أكبر أهمية، وكان لهم بقيادة
الحارث بن سريج أثر ضخم في التاريخ!! ''
ويقول: '' لو كان
الحارث في الأزمنة الأولى ثورياً تقياً لعد خارجياً، لكنه لم يلزم نفسه بالشروط القاسية التي يبني عليها
الخوارج عقيدتهم، إنما ابتدأ مرجئاً، وكاتبه
جهم بن صفوان أشهر عالم من علماء تلك الفرقة، واشترك هو بنفسه في الأحاديث والمناقشات المتصلة بالمذهب.
والإرجاء في الواقع سياسة في جمع الشمل، فالمسائل المختلف عليها استبعدت وتركت لحكم الله، لا سيما تلك المسألة الدائمة التي لا تحل، والتي تتصل بمن هو الإمام الحق الوحيد!! ومن ثم طرقت النقاط التي يمكن الوصول إلى اتفاق فيها على اختلاف نزعات المناوئين المتدينين، وكان ذلك احتجاجاً باسم حكم الدين على الطغيان الواقع، وباسم الشرع المقدس على سوء العدالة وعلى القوة ''
.
ويستمر في كلام خلاصته: أن
المرجئة حركة ثورية ضد طغيان المستعمرين الفاتحين، ولهذا وَسَّعت مفهوم الإيمان ليقبل جميع الشعوب المضطهدة، لكي تكون يداً واحدة على الشعب الفاتح.
وما قرره
فان فلوتن و
وويلهاوسن لخصه
أحمد أمين وشريكاه، وهذبوه من الكلمات الصريحة، وقدموه على أنه فكرة سليمة محايدة، وقد نقلنا بعض كلامهم.
وعن
أحمد أمين نقل الشيخ
أبو زهرة ، و
نعمان القاضي،
و
ألبير نصري نادر وعن
أبي زهرة نقل كثير من الباحثين ثقة منهم في الشيخ.
بل قل من كتب عن
الحارث بن سريج إلا وينقل عن
فلوتن، حتى أساتذة التاريخ!!
3- ومنهم المستشرق اليهودي الحاقد
جولد زيهر:
الذي يتميز بمهارة فائقة في الدس والتزوير والافتراء، وهو يذهب إلى أن
المرجئة من
أهل السنة والجماعة، وتبعه على ذلك مقلدون كثير، ورأيه هذا يبدو فيه العمق وبعد الهدف الخبيث أكثر من صاحبيه.
وعلى هذا سار
فاروق عمر؛ الذي ينقل عنه -مقراً مؤيداً-: ''لم يكن مذهب
أهل السنة والجماعة في بدايته إلا فكرة غامضة مرنة تتسع لكثير من الجماعات، وبعد المحنة التي عركت الأمة الإسلامية أثناء الحرب الأهلية الأولى وما جرى في أعقابها، بانت الخصائص الأولى لمذهب
أهل السنة، حيث انقسم المسلمون إلى فئتين تمثل الأولى دين
عثمان، وتمثل الثانية دين
مروان ''
والعجيب أن هذا المؤرخ العربي- مع إقراره بهذه الفكرة وبالقسمة المضحكة التي قسمها
جولد زيهر- ينقل أيضاً وجهة نظر
فلوتن في موضع آخر مؤيداً لها، ناسياً اختلاف نظرة كل من
المستشرقين ومرماه البعيد، فيقول: ''ولعل أبيات
ثابت قطنة تشير إلى أن
المرجئة ستظهر رأيها بوضوح في أعمال الجور والتعسف والفساد، ويؤكد
فان فلوتن أن
المرجئة كانوا لا يتحرجون عن قتال أية حكومة تقر مثل تلك المظالم ''
وعلى هذا الرأي سار المؤرخ البعثي
شاكر مصطفى، فهو أيضاً يعتبر
المرجئة ضمن الاتجاهات التي تشكل ما يسمى: السنة والجماعة، ويسميهم
المرجئة أهل الاعتزال الأول، ويصف هذه الاتجاهات قائلاً:
'' والصفة التي تجمع هؤلاء جميعاً بعضهم إلى بعض هي الوقوف بجانب الخلفاء الأمويين سياسياً في الأزمات، أو المهادنة لهم، والاحتفاظ بالرأي الديني في حيز الفكر، وعدم نقله إلى العمل الثوري ''
.
ولا يخفى تناقض هذا مع ما قرره الآخرون من أن
المرجئة حركة ثورية لها أثر ضخم في التاريخ.
وعليه أيضاً سار الدكتور
نعمان القاضي، حيث قال: '' و
المرجئة يشكلون كتلة المسلمين التي رضيت حكم بني أمية، مخالفين في ذلك
الشيعة و
الخوارج، متـفقين إلى حد ما مع طائفة المحافظين من
أهل السنة، وإن كانوا كما يرى
فون كريمر قد ألانوا من شدة عقائد هؤلاء السنيين باعتقادهم أنه لا يخلد مسلم في النار ''
وتطبيقاً لذلك ذكر الدكتور في الصفحة نفسها اسم
سعيد بن جبير -رضي الله عنه- مع
الحارث بن سريج، أي: ضمن
المرجئة الذين ثاروا على بني أمية، هذا مع غض النظر عن أن الثورة تتنافى مع الرضا الذي ذكر آنفاً فهو تخليط مركب.
ومن أهم النتائج المترتبة على هذا: قول هؤلاء بأن
المرجئة انتهت بظهور دولة بني العباس، سواء أكان السبب هو أن العباسيين يعتبرونها موالية للأمويين، كما يرى
أحمد أمين و
نعمان القاضي،
ولذلك دمروها، أم على الرأي الأخبث الذي ذهب إليه
شاكر مصطفى و
فاروق عمر وهو أن الدولة العباسية تبنت رسمياً مذهب
أهل الحديث فانمحت هذه الفرقة فيهم، ويستدل أصحاب هذا الرأي بأن كتب الحديث إنما ألفت في العصر العباسي.
4- ومنهم المستشرق
فون كريمر:
وعنه نقل
الدكتور القاضي- كما سبق آنفاً- أن
المرجئة ألانت من شدة عقيدة
أهل السنة والجماعة، باعتقادهم أنه لا يخلد مسلم في النار، ونحن نسأل الدكتور: وما هو مذهب
أهل السنة والجماعة في ذلك؟!
على أن لـ
كريمر رأياً يدعو للسخرية، نقلته عنه الكاتبة
البعثية زاهية قدورة، وهو أن الثورات التي قامت في
العراق ضد بني أمية -ومنها ثورة
المرجئة- لم تكن ثورات دينية، بل لذلك علة أخرى لم يفطن لها من المؤرخين إلا هذا المستشرق العبقري!!
تقول: ونحن نؤيد قول
فون كريمر في أن هذه الثورات كانت ثورات العراقيين ضد السوريين، وذلك للعداء الموروث منذ الجاهلية بين
العراق و
الشام، حيث كانت كل من دولة منهما حليفة لدولة معادية.
5- ومنهم المستشرق
نيكلسون:
صاحب كتاب
محاضرات في تاريخ الأدب العربي، الذي يعتمد عليه الكثيرون، ونظرته للموضوع مماثلة لـ
فان فلوتن، حيث يعلل لنشأة
المرجئة وثورتها -ثورة
الحارث بن سريج- بقاعدة عامة هي: ''أن شعوب البلاد المفتوحة لم تدخل في الأخوة الإسلامية إلا نظرياً وظلت مضطهدة محتقرة بالنسبة للسلالة العربية ''
.
6- ومنهم المستشرق
بروكلمان:
الذي كان أكثر دهاءً وخبثاً حين تستر بالعمل العلمي البحت -فهرسة المخطوطات- لينسب الإرجاء إلى عقيدة
أهل السنة والجماعة، فهو يقول: '' في أوائل الإسلام كان محور الجدل يدور أساساً حول المعصية أتبطل الإيمان أم -كما يقول
المرجئة- لا تبطله .
وفي
تاريخ دمشق لـ
ابن عساكر.. ذكر عقيدة
للمرجئة كان يدرسها
محمد بن عقاشة الكرماني.. في
البصرة عن
سفيان بن عيينة.. عن
وكيع بن الجراح.. عن
عبد الرزاق بن همام.. عن
أمية بن عثمان. ''
لقد خان
بروكلمان الأمانة العلمية حين أقحم كلمة
المرجئة في نص مأثور من مصدر متداول مشهور، وخرج عن مهمته التي هي الوراقة والفهرسة، لينصب من نفسه حكماً عقائدياً
في الخلاف بين فرق لا تنتمي إلى دينه، ولكن الحقيقة أنه متى سنحت فرصة للدس على الإسلام، فكل مستشرق -أياً كان فنه- هو أستاذ متخصص!!
على أن المؤلم -كما أشرنا- هو متابعة المقلدين من المنتسبين للإسلام، كما فعل المستشرق التركي
فؤاد سيزكين الذي تابع
بروكلمان على الخطأ نفسه.
وبالرجوع لـ
تاريخ دمشق لن يجد القارئ هذه الكلمة، بل لا يحتاج الأمر لمراجعة، فهؤلاء المذكورون من جلة علماء
السلف، ولو أن
ابن عساكر نفسه نسبهم للإرجاء لكان هذا تهمة له هو.
ويقع
بروكلمان في خطأ آخر فادح، حين يقرر أن الإرجاء إنما نشأ في
الشام، في حين بقيت
العراق متمسكة بتعاليم القرآن الأصلية، ويرجع ذلك إلى أثر النصارى الذين كان لهم مكانة عظيمة عند حكام بني أمية!!
والحقيقة أنه لم ينفرد بذلك، بل شاركه آخرون منهم
جولد زيهر، وتبعهم مقلدون عرب في نسبة الإرجاء إلى بني أمية، وأصل هذا هو كتب
الرافضة وبعض
المعتزلة، وهو مخالف لما تواتر في أخبار
المرجئة وأعلام رجالها من أنهم عراقيون
-وسيأتي تفصيل ذلك- حتى لقد صرح بذلك الإمام
الأوزاعي رحمه الله قائلا: ''وقد كان أهل
الشام في غفلة عن هذه البدعة حتى قذفها إليهم بعض أهل
العراق ممن دخل في تلك البدعة''
على أنه لا يفوتنا أن نشير إلى أن بعض أتباع الأمويين كان لديهم إرجاء خاص بالملوك والخلفاء، وهو أن الله إذا ولى أحداً خلافة المسلمين كفر سيئاته بحسناته،
والظاهر أن هذا رد فعل لغلو
الشيعة ضدهم .
7- وهناك مستشرق آخر هو
نلّينو:
التقط نصاً من
الملطي في أصل تسمية
المعتزلة، فخلط بين فرقة الاعتزال المعروفة، وبين الممسكين عن الفتنة المعتزلين لها من الصحابة وغيرهم، واعتبر كل من وقف على الحياد في الفتن معتزلياً، فدخلت
المرجئة فيهم بهذا الاعتبار، وقد سبق تفصيل القول في أقسام الممسكين عن الفتنة.
وهذا القول تابعه
عبد الرحمن بدوي و
علي سامي النشار،
والحديث عن المتأثرين بـ
المستشرقين وإيراد اسم الدكتور
النشار يقتضي منا أن نقول فيه خلاصة ما انتهى إليه الاطلاع الكثير على آرائه:
وهو أنه على كثرة كتاباته وسعتها وجودة عباراته هو أكثر الباحثين المحدثين اضطراباً وتناقضاً وتخليطاً، وليس في إمكان الباحث أن يجد له رأياً مستقراً أو منهجاً مطرداً.
وإنما ذكرته لأهمية كتبه عند كثير من الناس، ولأنه أستاذ لكثير من المتخصصين في الدراسات الكلامية في
مصر وغيرها، ومن أجلى شنائعه أنه يكفر
معاوية رضي الله عنه وأباه، ويعتمد على كتب
الرافضة في النقل عن الراشدين وغيرهم، ويجعل أصل مذهب
السلف في الصفات هو اليهود و
الصابئة وسيأتي بعض آرائه في مواضعها.