معلوم أن مذهب السلف هو أن وجوده تعالى أمر فطري معلوم بالضرورة، والأدلة عليه في الكون والنفس والآثار والآفاق والوحي أجل من الحصر، ففي كل شيء له آية وعليه دليل.
أما الأشاعرة فعندهم دليل يتيم هو دليل: الحدوث والقدم.
وهو الاستدلال على وجود الله بأن الكون حادث، وكل حادث فلا بد له من محدث قديم، وأخص صفات هذا القديم مخالفته للحوادث وعدم حلولها فيه ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس جوهراً ولا عرضاً ولا جسماً ولا في جهة ولا مكان.. إلخ.
ثم أطالوا جداً في تقرير هذه القضايا، هذا وقد رتبوا عليه من الأصول الفاسدة ما لا يدخل تحت العد مثل إنكارهم لكثير من الصفات كالرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم، ونفي الجوهرية والعرضية والجهة والجسمية.. إلى آخر المصطلحات البدعية التي جعلوا نفيها أصولاً وأنفقوا الأعمار والمداد في شرحها ونفيها.
ولو أنهم قالوا: الكون مخلوق، وكل مخلوق لابد له من خالق؛ لكان أيسر وأخصر مع أنه ليس الدليل الوحيد؛ ولكنهم تعمدوا موافقة الفلاسفة حتى في ألفاظهم.