يجب أن ندرس المشكلة -أبعادها ومخلفاتها- بكل وضوح وصدق، ونستعرض احتمالات الموقف، ونضع لكل احتمال حله المأخوذ من مصدر الهدى والنجاة -كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسيرة الخلفاء الراشدين- ولخطورة القضية وتشعبها، ولضرورة تكامل الحل وتحقيق مبدأ الشورى فيه أرى أنه لا بد من أن نفرغ لكل جانب منها مؤهلين مخلصين يدرسون ما يُوكل إليهم دراسة متأنية موثوقة عميقة، ومن ذلك مثلاً:
1- تخصيص مجموعة من المؤهلين ويكون من بينهم قادة عسكريون لدراسة مشكلة الضعف المخيف الذي فوجئنا به في جيشنا أهو حق أم باطل ولماذا؟... وكتابة صورة صادقة مستفيضة عنه.
2- تخصيص مجموعة أخرى مماثلة لدراسة أفضل وسيلة لاستقلالنا للدفاع عن أنفسنا، وهي خطوة للمرحلة الواجبة التي هي جهاد الطلب بإذن الله!!
وأرى أنه يجب عليكم يا أصحاب الفضيلة، وأنتم السلطة العلمية في البلد أن تنصحوا السلطة التنفيذية بأنه لا خطر على النظام من قوة الجيش، فإنه ليس بقوة الجيش يقوى احتمال غدره بالقيادة السياسية، بل بحسب التربية والمنهج، وأنه لا يجوز شرعاً كما لا يصح عقلاً وسياسةً أن يكون البديل عن جيش مسلم من أبناء البلاد المخلصين جموعاً متنافرة لحكومات متآمرة!!
وإنها لحقيقة مؤسفة أن نقول: (إن ما يُسمَّى التطوع لا يعدو أن يكون امتصاصاً للمطالبة وتفريغاً لشحنة التأثر)، إذ كان المتوقع أن تتحول مدننا وقرانا وهجرنا إلى معسكرات دائمة (وأسوأ من ذلك أن يُفتح باب التطوع للنساء الذي استغله الهدامون في الداخل والخارج ليغمسونا في غضب الله واستحقاق عقابه أكثر فأكثر نعوذ بالله من الخذلان).
3- ومما يجب وضعه في الحساب كيف يكون التصرف حالما تُظهِر هذه الحشود غدرها وخيانتها، ماذا نفعل لو قررت -لا قدر الله- تقسيم البلاد أو تدويلها أو تغيير نظامها السياسي والاجتماعي، أو فعل أي شيء في جعبتها الملأى بالحقد والتآمر؟ أنبكي حينئذٍ ونقول: صدق من حذرنا؟
إن احتلال الكويت- تلك القشة التي قصمت ظهر البعير- سينتهي بشكل ما، وحينها ستلتفت هذه القوى لتصحيح وضعنا نحن كما ألمحوا مراراً وصرحوا، فماذا أعددنا لذلك؟ وهذا الإعداد لن يكلفنا ولن يضيرنا فإن كفى الله المؤمنين القتال فلله الحمد والشكر، ولنا منه الأجر إن شاء الله، وإن كانت الأخرى كان الجواب حاضراً والرد سريعاً.
4- يجب أن ندرس بكل صراحة ووضوح أن بلادنا قد تكون في أي لحظة ميداناً لحرب مدمرة لم تشهد الدنيا لها نظيراً -حرباً كيماوية وبيولوجية وربما نووية، ونرى هل تستحق إعادة حكومة ابن صباح- التي لا تحكم بما أنزل الله- كل هذا؟
5- تخصيص مجموعة أخرى بينهم اقتصاديون وخبراء تخطيط -مؤمنون لا علمانيون- لدراسة أثر هذه الأزمة على مستقبل التنمية في بلادنا والإفادة من ذلك لسحب الودائع المخزونة في بنوك الغرب، وحث الأمة على الترشيد وترك الإسراف والتبذير اللذين لا يزالان كما كانا قبل الأزمة التي نخشى أن تطول فتستنفد كل شيء!!
... إن صداماً نهب ثروات الكويت غصباً وعلانية، ونحن سوف تَستَنفِذ هذه المشكلة ثرواتنا رضاً وطواعية، وسوف تتعطل حتماً مسيرة التنمية أو تقل بشكل حاد إلا إذا تداركنا الأمر بإذن الله، فمثلُنا في هذه الحال كمثل رجل اقتحم الذئب زريبة جاره وأخذ يعبث فيها، فخاف الرجل أن يقتحم زريبته، فاستدعى الذئاب والأسود والنمور وسائر الوحوش وأسكنها زريبته، وأخذ يطعمها من غنمه وهي لن تخرج إلا إذا خرج الذئب من زريبة جاره، وجاره قد هرب والذئب لن يخرج، ولو أنه اشترى ببعض غنمه بندقية لحرس غنمه بنفسه!!
6- لِمَ لا يضع علماؤنا الأجلاء مبادرة سلام تخفف مصيبة الكويتيين وتضمن شيئاً من حفظ ماء الوجه كما يقولون لطاغية العراق وتضمن رحيل جيوش الصليب عن بلادنا؟ وعلى الجملة أترك الرأي فيها لكم.