[الخامس: التصريح برفع بعض المخلوقات إليه؛ كقوله تعالى: ((
بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ))[النساء:158] وقوله: ((
إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ))[آل عمران:55]] أي أن الله رفع عيسى عليه السلام، وألقى الله تبارك وتعالى شبهه على المجرم الذي يقال: إن اسمه
يهوذا الأسخريوطي، وهو الذي دل اليهود على مكان عيسى عليه السلام، فقد كان أحبار اليهود الكبار الذين عندهم التوراة يعلمون صفات عيسى عليه السلام، وأنه رسول وأنهم مأمورون بتصديقه، لكنهم مع ذلك قالوا: نسلمه للحاكم الروماني، ونستريح من وعظه للناس وإنكاره ما نحن عليه من المنكرات؛ يعطون الطاعة والولاء والانقياد لهذا المشرك
قيصر، ويقفون ضد هذا الذي هو منهم، وهو رسولهم الذي أرسله الله إليهم..!
فقال لهم القائد الروماني: هذا من أبناء دينكم تحاكمونه أنتم، فقالوا: إن هذا يريد أن يؤسس ملكاً ضد مولانا
قيصر -وكانت الدولة الرومانية تضم عدة أقليات ومجموعة أديان كثيرة- فجاءوا للقبض على عيسى عليه السلام، وقدد لهم على مكانه يهوذا الأسخريوطي، لكنهم أخذوا
يهوذا الأسخريوطي الذي ألقي عليه شبه المسيح عليه السلام، وذهبوا به ليحاكموه، وهو يصرخ ويصيح ويقول: لست أنا، فتقول اليهود: لا تصدقوه، فأخذوه وصلبوه وقتلوه، وانتهى الأمر، ورفع الله عيسى عليه السلام إليه، وكان ذلك المجرم أحد تلاميذ عيسى عليه السلام، وكانوا اثني عشر من الحواريين وانضم إليهم، فكان الثالث عشر الذي يسمونه الثالث عشر المشئوم، وما زالوا يتشاءمون من ذلك العدد إلى اليوم.
فالله تبارك وتعالى قد رفع إليه ذاتاً حقيقية موجودة وهو عيسى عليه السلام، وقد رآه الناس بأعينهم، وتكلم مع البشر وخاطبهم، ولا ينكر ذلك عاقل، وهذا مما لا يحتمل التأويل.