ونختم موضوع الوفاق ببيان الموقف الأوربي من الحلف أو النظام الدولي الجديد فنقول:
(لقد حرصت
الولايات المتحدة الأمريكية على تطويق
الاتحاد السوفييتي والعالم الإسلامي بسلسلة من الأحلاف العسكرية والسياسية منها حلف " الناتو" الذي يشمل
أوروبا الغربية، وحلف "السنتو" الذي شمل دول الشرق الأوسط).
عقب إلغاء حلف
بغداد وحلف "السياتو" الذي يشمل دول جنوب شرق
آسيا، وحلف "الريو" الذي يشمل دول
أمريكا اللاتينية، والهدف الأمريكي الآن -بعد انهيار حلف وارسو- هو دمج هذه الأحلاف وزيادة ضمن منظومة واحدة تتقنع بستار
الأمم المتحدة، وتتحكم فيها
أمريكا وفق النظام الجديد، وأهم طرف في هذا النظام هو حلف الناتو بطبيعة الحال).
فما موقف الحلف و
أوروبا خاصة من الخطط الأمريكية التي عرضناها؟
يمكن الإجابة باختصار شديد بأن الدول الأوروبية ومن خلال التوجيه الأمريكي قد سلكت الخطوات نفسها، فقد قررت
أوروبا الغربية عقب حظر النفط المذكور وبالتحديد في اجتماع أركان دول الحلف في مطلع عام 1980م.
''إن الخطر الأساسي على الغرب لا يقع في
أوروبا، بل في المناطق النفطية الحيوية وخطوط المواصلات إليها''
وجاء على لسان وزير الدفاع البريطاني:
''إن
منطقة الخليج هي من أهم مناطق العالم، وهدفنا الأساسي يجب أن يكون إعادة الاستقرار إليها''
.
وقامت دول
أوروبا بتشكيل قوات تدخل سريع على غرار القوات الأمريكية، بل إن
فرنسا قد شكلتها عام 1977م، أما
بريطانيا فقد احتفظت بلواء"جرذان الصحراء" منذ الحرب العالمية الثانية.
وقد قامت داخل الحلف دعوات مختلفة إلى توسيع رقعة الحلف ليشمل المنطقة العربية، ومن أبرز هذه الدعوات فكرة إيجاد قوات تدخل غربية مشتركة تنفصل قيادياً عن الناتو، وتشتمل على عناصر غير أوروبية من
اليابان و
استراليا وغيرهما وذلك تفادياً للإشكالات الدستورية داخل الحلف.
.
وبعد الأزمة وفي شهر صفر 1411هـ اجتمع المجلس الأوروبي في
بروكسل وقرر إقامة نظام أمني يشمل الرقعة الممتدة من
إيران حتى
موريتانيا!!
- وإجمالاً تتفق كل المصادر على أن القوات الأوروبية تقوم بدور المساندة للقوات الأمريكية، وأن مغزاها السياسي هو الأهم، وبعد أزمة
الخليج، تم تجاوز العقبات الدستورية حتى إن
ألمانيا عدَّلت دستورها للسماح بالمشاركة في القوة الدولية، وبالفعل وصل إلى
المملكة وبقية دول
الخليج حتى الآن ما يزيد على 50.000 جندي أوروبي!!
وقد صرَّح وزير الدفاع الأمريكي في 30/2/1411هـ أن
الولايات المتحدة الأمريكية قد أغلقت 150 قاعدة في
أوروبا نهائياً ونقلتها إلى
الخليج بعد أن ظلت هناك 45سنة.
وعندما سُئِل عن مدَّة بقاء القوات في
السعودية قال:
''لسنا على استعداد أن نأتي كل 10 سنوات لحل مشكلات المنطقة وأضاف أن ذلك مرهون باستقرار المنطقة'' !
كما أطلق
بيكر وزير الخارجية تصريحات مماثلة، منها ما نشر في
جريدة الشرق الأوسط في 13/2/1411هـ، وأعقب هذا إعلان
بوش عن إرسال 150 ألف جندي أمريكي آخرين إلى
السعودية إضافة إلى ربع المليون الذين وصلوا من قبل متذرعاً بالحجة نفسها (ضمان الردع والاستقرار).
ومن العجب أن يجري هذا ويزداد الموقف الأمريكي تصلباً مع الإعلان عن تراجع
العراق ولين موقفه، ومع تعاطف
فرنسا و
روسيا -التظاهري- معه، واستبعادهما لفكرة الحرب دون اعتراضهما على الحشود العسكرية الهائلة!!
إنها أدوار موزعة والضحية واحدة!!