[الثالث: التصريح بالعروج إليه نحو: ((
تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ))[المعارج:4]] والعروج ما لا يحتمل في لغة العرب الضد، فعندما تقول: (عرج فلان) لا يمكن أن يتصور أنه نزل، فهناك ذوات مخلوقة منها الملائكة والروح تعرج إلى الله سبحانه وتعالى، فتتجه من الأرض إلى السماء.
ومن ذلك معراج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من أظهر الأدلة على علو الله سبحانه وتعالى، وإن كابر من كابر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به إلى
بيت المقدس، ثم ركب البراق مع جبريل عليه السلام، وعرج به إلى السماء الدنيا فاستفتح، ففتح لهما إلى من فوقها، حتى وصلا إلى السماء السابعة، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى؛ فهذا العروج إليه سبحانه دليل على أن علوه علو حقيقي، ولا يمكن أن يؤول لأنه لا يقبل التأويل بأي حال من الأحوال.
حتى إن
الرازي لما تكلم عن عباد الله والتفاوت بينهم، قال: (إن الله تعالى رفع محمداً صلى الله عليه وسلم حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، وخسف بـ
قارون الأرض) هذا كلام
الرازي وهو أبرز من ألف في نقض الصفات، وأقوى من جمع الحجج في ذلك -وقد أبطلها جميعاً
شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه
نقض التأسيس- فظهر في كلامه إقرار الفطرة بعلو الله سبحانه وتعالى؛ فأخذ يقارن بين حالين؛ بين حال محمد صلى الله عليه وسلم في لحظة التكريم التي لم يحظ بها أي إنسان، وبين حال عدو الله
قارون في لحظة الإهانة والخزي.
ومن ذلك الحديث الصحيح المتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قال: {
يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم الله تعالى: كيف تركتم عبادي؟ قالوا: جئناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون} هؤلاء الملائكة ذوات حقيقية لا يشك في ذلك أيُّ مؤمن، فتعرج وتنتقل من جهة السفل (من الأرض) إلى جهة العلو (إلى الله سبحانه وتعالى) فيسألهم ويخاطبهم.
وهذا لا يقبل التأويل بأي شكل من الأشكال.