الباطنية : هي أخطر الفرق في تاريخ الإسلام وأخبثها، وليست الباطنية من الفرق الإسلامية، بل هي خارجة عن الملة باتفاق المسلمين، وهي فرق كثيرة سنورد تفصيلاً لأهمها.
  1. تسمية الباطنية

    -لِمَ سُموا بـالباطنية ؟
    سموا ( الباطنية ) لأن أصل مذهبهم أن نصوص الكتاب والسنة لها ظاهر وباطن: فالظاهر هو ما يعرفه الناس ويعلمه العلماء، والباطن هو -بزعمهم- العلم الحقيقي الذي لا يعرفه إلا الأئمة المستورون من آل البيت، ويعلمونه للناس مباشرة أو بواسطة النواب والحجاب.
  2. أصل الباطنية وغايتها

    أرسل الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وانتشر الإسلام في بلاد كثيرة، قاضياً بذلك على عقائدها وممالكها وسلطانها، ولذلك رأى بقايا تلك الديانات المنسوخة والممالك المسحوقة -ولا سيما المجوس واليهود- أنه لا بد من التعاون والتخطيط لهدم الإسلام والانتقام منه.
    فابتدأوا بتدبير مؤامرة اغتيال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم أحدثوا الفتنة التي تزعمها عبد الله بن سبأ في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهما كما سبق.
    ولكنهم وجدوا أن الإسلام أقوى من كل المؤامرات، فقرروا تأسيس مذهب أعظم تأثيراً وأشد هدماً من التشيع -وإن كان منطلقاً من أصول التشيع ومتستراً به- فأسسوا مذهب الباطنية ويغلب عليهم تسميتهم بـالإسماعيلية، نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق الذي يزعم أئمتهم الانتساب إليه عقيدة ونسباً.
    وقد اشترك في وضع أصول هذا المذهب جماعة من المجوس واليهود والزنادقة معتمدين أساساً على الفلسفة اليونانية مع خليط من الأقطار المجوسية والصابئة .
    وقد وضعوا في أوائل القرن الرابع أول كتاب في أصول مذهبهم وهو ( رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا ).
    وقد نجح الباطنيون في إقامة دول باطنية كان لها الأثر الكبير في تمزيق الأمة الإسلامية وتهيئتها للاحتلال الصليبي والمغولي، فضلاً عن فساد عقائد الملايين من عامة المسلمين.
  3. أهم الدول الباطنية

    1- الدولة العبيدية (الفاطمية):
    وهي دولة باطنية ملحدة أسسها رجل يهودي يدعى عبد الله بن ميمون القداح، زاعماً أنه من نسل فاطمة رضي الله عنها، وقد حكموا مصر وغيرها قرابة قرنين من الزمان، ومن آثارهم:
    إدخال الشرك وعبادة الموتى إلى الأمة الإسلامية، كما أن الصليبيين دخلوا بلاد الإسلام، واحتلوا القدس بخذلانهم وتواطئهم، وقد قضى عليهم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله أولاً، ثم ثنى بالصليبيين.
    2- دولة القرامطة:
    كانت دولتهم في شرق دولة العبيديين، أي: في بلاد الشام وجنوب العراق وشرق الجزيرة العربية، وفي سنة (317)هـ دخلوا مكة يوم التروية (8 ذي الحجة) فقتلوا الحجاج والمصلين، وقلعوا الحجر الأسود وحملوه معهم إلى الأحساء، حيث بقي عندهم اثنتين وعشرين سنة ونهبوا الكعبة المشرفة ومكة كلها.
    3- الحشاشون:
    وهم طائفة من الإسماعيلية من بقايا الدولة العبيدية أسسوا دولة في إيران أقضت مضجع الأمة الإسلامية بالحروب والسلب والاغتيال، فقد فتكوا بعدد من زعماء الإسلام السياسيين والعلميين، وممن حاولوا اغتياله ( صلاح الدين الأيوبي ).
    وقد ظهرت دولتهم في أوائل القرن السادس واستمرت إلى أن قضى عليها التتار.
    أما دعوتهم فلا تزال قائمة، وهم المعروفون باسم ( الآغاخانية ) نسبة إلى لقب زعيمهم ( آغاخان ).
  4. عقائد الباطنية وفرقها

    للباطنية أصول مشتركة تلتقي فيها جميع فرقها، وكما أن لفرقها أصولاً مشتركة لكنها تختلف في تفسيرها أو بعض تفصيلها.
    وهناك فرق باطنية تنفرد بعقائد مميزة، ولهذا رأينا أن نذكر عقائد ( الإسماعيلية )، التي تمثل القرامطة والعبيديين والإسماعيلية ( الآغاخانية ) والإسماعيلية البهرة، ونفصل الدروز والنصيرية عنها.
    الإسماعيلية :
    الإسماعيلية هم بقية الدولة العبيدية الباطنية، وينتسبون إلى ( إسماعيل بن جعفر الصادق ) الذي مات صغيراً لم ينجب، ولكن رجلاً يهودياً زنديقاً يدعى ( ميمون القداح ) ادعى أن إسماعيل لم يمت ولكنه اختفى وهو إمام الزمان.
    ثم ادعى أنه ولد لإسماعيل ولد هو ( محمد بن إسماعيل ) وظهر ( ميمون القداح ) للشيعة على أنه هو محمد بن إسماعيل بن جعفر .
    وأظهر ابنه ( عبد الله بن ميمون القداح ) على أنه ابن لـمحمد بن إسماعيل، وعبد الله هذا هو الأب الحقيقي للعبيديين، فهم من ذرية اليهود، لا من ذرية فاطمة رضي الله عنها.
    وظل الإسماعيليون متفقين على إمامة العبيديين، حتى توفي خليفتهم ( المستنصر بالله ) سنة (487)هـ حيث انقسموا فرقتين:
    1- فرقة تقول: إن الإمامة انتقلت إلى ابنه ( المستعلي ) وهي التي يطلق عليها اسم ( البهرة ) وهم يعيشون في جنوب الهند وكينيا واليمن، وزعيمهم يسمى سلطان البهرة، كما يطلق عليهم (السيفيون).
    2- فرقة تقول: إن الإمام هو ( نزار بن المستنصر )، وهم المعروفون اليوم ( بـالآغاخانية ) ويعيشون في الباكستان والهند وبلاد الشام، وهم أكثر عدداً.
    والشيء الملفت للنظر هو صلة الإسماعيليين الواضحة بالإنجليز، فهم مشهورون بولائهم لهم.
    والآغاخان الحالي أمه إنجليزية، وزوجته إنجليزية، ويعيش في باريس.
    -أهم عقائد الإسماعيلية :
    1- أن لكل ظاهر من النصوص باطناً، لا يعلمه إلا الأئمة.
    2- إنكار صفات الله تعالى، حتى أن من عقيدتهم أنه لا يقال: الله موجود أو غير موجود، فلا يوصف بشيء مطلقاً.
    3- أن محمد بن إسماعيل بن جعفر ناسخ لشريعة الإسلام.
    4- أن القرآن والوحي عامة فيض يفيض من العقل الكلي على كل شخص لديه استعداد لتقبله.
    5- تأويل العقيدة والشريعة تأويلاً غريباً، يعتمد على أن الحروف رموز لأعداد معينة، ثم يفسرون الأعداد كما يشاءون.
    6- إنكار القيامة والمعاد، والإيمان بالتناسخ.
    7- الاعتقاد بأن الكواكب السبعة لها تأثير في تدبير الكون، وجريان الأحداث.
    8- الإباحية، والشيوعية الجنسية والمالية، والإمام هو الذي يحكم في كل ذلك.
    هذا، ومما يجدر التنبيه إليه أن للإسماعيلية مراتب ودرجات، وطقوساً ورموزاً، تشبه ما للماسونية من ذلك مشابهة عجيبة.