وأما الشاهد الثالث -وقد أشرنا سابقاً أن هذه الشواهد منقولة من كتاب
الصواعق - فهو قصة
سعد بن معاذ يوم بني قريظة حين حكم رضي الله عنه في أولئك اليهود الخونة -وهم هكذا في كل زمان ومكان- الذين نقضوا العهد في غزوة الأحزاب لما رأوا تكالب المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم، مع علمهم بأن نبوته حق، وأن رسالته باقية، وأنها ستكون مهيمنة على جميع الأمم؛ لكنهم كابروا وواطئوا المشركين على ذلك.
فلما انتصر النبي صلى الله عليه وسلم على الأحزاب بنصر الله له، أمره جبريل بمقاتلتهم عقوبة لهم، فنزلوا على حكم
سعد بن معاذ فيهم؛ لأنه كان حليفهم؛ فحكم فيهم: بأن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {
لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سماوات}.
فيقول المصنف: [وهو حديث صحيح أخرجه
الأموي في
مغازيه وأصله في
الصحيحين ] أي: فأصل الحديث في
الصحيحين من غير الزيادة الأخيرة: {
من فوق سبع سماوات} لكن هذه الزيادة ذكرها
الذهبي رحمه الله في كتاب
العلو وصححها، وهي صحيحة من جهة المعنى، وإن كان الشيخ
الأرنؤوط اعترض عليها.
وقال الشيخ
الألباني رحمه الله: "صحيح بدون قوله: فوق سبع سموات، كذلك هو في
الصحيحين و
المسند، وأما هذه الزيادة فتفرد بها
محمد بن صالح التمار؛ كما في
العلو، وقال: وهو صدوق، وفي
التقريب: صدوق يخطئ، فمثله لا يقبل تفرده، وإن صححه المؤلف وكذا
الذهبي، وفي إثبات الفوقية أحاديث صحيحة تغني عن هذا".
وعلى كل حال فمثل هذه الرواية للرأي فيها مجال، ولقائل أن يقول: لا تقبل إلا إذا عضدتها رواية أخرى، ولقائل أن يقول: إنها حسنة.
أما من جهة المعنى فمعناها صحيح.