1. ظهور الشيعة

    لما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم بايع الصحابة أبا بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة إجماعاً، لم يخالف فيه علي رضي الله عنه ولا غيره. وانعقد مثل ذلك الإجماع على خلافة عمر، ثم عثمان رضي الله عنهما.
    فلما وقعت الفتنة، وقتل عثمان رضي الله عنه، أطلق على من كان يؤيد علياً رضي الله عنه ويقاتل معه اسم الشيعة، ثم تحولت إلى فرقة لها عقائد خاصة.
    ولما خرج زيد بن علي بن الحسين على الخلافة الأموية، وطلب منهم الخروج معه، طلبوا منه البراءة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال: [[كيف أتبرأ منهما وهما وزيرا جدي -يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم- فتركوه، فقال: رفضتموني]] فسموا ( الرافضة ) منذ ذلك الحين، تمييزاً عن الزيدية .
    وقد ظهرت تحت ستار التشيع فرق كثيرة، خرج بعضها عن الإسلام بالكلية.
    - الشيعة في عهد أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
    كانت الشيعة أول ظهورها في عهد علي رضي الله عنه على ثلاثة أصناف:
    1- المفضِّلة : أي الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
    2- السبَّابة : وهم الذين يبالغون في ذلك حتى أنهم يسبون أبا بكر وعمر .
    3- الغلاة : وهم الذين يؤلهونه، أي: يعتقدون أنه إله، أو حل فيه جزء من الإله، كما يعتقد النصارى في عيسى، وهم زنادقة.
    وسموا بذلك؛ لأنهم يظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر.
  2. حكم أمير المؤمنين علي في الشيعة

    1- المفضِّلة : كان علي رضي الله عنه ينكر عليهم ويعلن أن أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر، كما ثبت ذلك عنه في صحيح البخاري .
    وصح عنه أنه قال: [[لا أوتى برجل فضلني على أبي بكر وعمر، إلا جلدته حد المفتري، ثمانين جلدة]].
    2- السبَّابة : كان حكمه فيهم القتل، فقد بلغه ذلك عن بعض شيعته، فطلبهم ليقتلهم، ولكنهم هربوا.
    3- الغلاة الزنادقة : كان حكمه فيهم الحرق بالنار، وقد فعل ذلك كما ثبت في صحيح البخاري .
    ولهذا اعترض ابن عباس على حرقهم، بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التعذيب بالنار، وبيَّن أنهم يقتلون بالسيف.
  3. عبد الله بن سبأ .. وتأسيس التشيع الغالي

    عبد الله بن سبأ رجل يهودي ماكر، أظهر الإسلام ليفسده ويهدمه، وكان هو رأس الفتنة التي ثارت على عثمان رضي الله عنه وأودت بحياته، كما كان هو وأتباعه مثيري الحرب يوم الجمل، بعد الاتفاق على الصلح.
    أظهر عبد الله بن سبأ الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثلما أعلن بولس اليهودي الغلو في عيسى عليه السلام ومن ذلك:
    1- ادعى ابن سبأ أن القرآن جزء من تسعة أجزاء، وأنه لم يجمعه كله إلا علي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم اختص علياً وآل بيته بالعلم الباطن.
    وقد نفى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خصه بشيء من العلم، وأعلن ذلك على المنبر، كما رواه الإمام أحمد، والبخاري في صحيحه .
    واستدعى عبد الله بن سبأ، وقال له: (والله ما أفضى -يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم- إليَّ بشيء كتمه أحد من الناس، ولقد سمعته يقول: إن بين يدي الساعة ثلاثين كذاباً، وإنك لأحدهم).
    2- أظهر القول بألوهية علي رضي الله عنه:
    افترى ابن سبأ هذا الكفر، ونشره في أتباعه، فجاءت طائفة منهم إلى باب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وقالوا له:
    أنت هو؟ قال: من هو؟ قالوا: أنت الله. فأمهلهم ثلاثة أيام، ثم حرقهم بالنار.
    3- أظهر ابن سبأ سب الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وزعم أن علياً يضمر لهما العداوة، فلما بلغ ذلك علياً، قال: [[ما لي ولهذا الخبيث الأسود؟ معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل]] ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ، فأمر بنفيه إلى المدائن، وقال: [[لا يساكنني في بلدة أبداً]] ثم نهض إلى المنبر حتى اجتمع الناس، فأثنى على الشيخين ثناءً عظيماً، وختم خطبته بتهديد الرعية، قائلاً: [[ألا ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري]].
    هذا وقد كان علي رضي الله عنه يريد قتل ابن سبأ، ولكنه خشي الفتنة في جيشه؛ لأن أتباع ابن سبأ مندسون في صفوفه، فاكتفى بنفيه وإبعاده إلى المدائن.
  4. انتشار التشيع في بلاد فارس

    الفرس أمة عظيمة، فتح المسلمون بلادهم في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ودخل طوائف منهم في دين الله أفواجاً، ونبغ منهم قادة وعلماء، كان لهم في الجهاد والعلم قدم راسخ وفضل عظيم، ولكنها مع ذلك كانت بيئة ومنطلقاً لكثير من الفرق الضالة، يهمنا منها الآن ما يتعلق بالتشيع الغالي.
    وهو أنه لما نفى أمير المؤمنين عبد الله بن سبأ إلى المدائن، لم تؤثر هذه العقوبة في إزالة الخبث اليهودي من نفسه، بل وجدها فرصة عظمى لنشر ضلالاته وسمومه في تلك النواحي، ووجد فيها تقبلاً وبيئة خصبة، للأسباب الآتية:
    1- أنها بلاد أعجمية حديثة العهد بالإسلام، لم تتخلص نفوس عامتها من رواسب العقائد السابقة، فهم قابلون لتلقف أية دعوة، والتجسس لها.
    2- أن بعض أبناء الفرس -وخاصة أصحاب المناصب والمال قبل الإسلام- يحملون حقداً شديداً على الإسلام وأهله؛ لأن الإسلام أسقط دولتهم، وهدم حضارتهم، وطمس ديانتهم المجوسية.
    ولما كان مستحيلاً مواجهته بالقوة، لجئوا إلى التآمر والتخطيط السري لهدمه من الداخل.
    ولا ننسى هنا أن نذكر أن اليهود هم طائفة مهمة من الشعوب الفارسية.
    3- أن طبيعة أهلها تقديس الأسر الحاكمة، والغلو في الخضوع لها إلى حد تأليهها، وهي أسر تتوارث الملك، حتى أنه إذا لم يوجد في الأسرة إلا امرأة اختاروها للملك، ولم يختاروا أحداً خارج الأسرة مهما كانت منزلته في الدولة، ومهارته في السياسة والقيادة، كما فعلوا حين ولوا ابنة كسرى مع وجود رستم وأمثاله.
    واعتماداً على هذه الأركان الثلاثة: الجهل والحقد والغلو في التعظيم والتقديس، أسس عبد الله بن سبأ معظم عقائد هذه الفرقة، وإليك البيان:
  5. عبد الله بن سبأ وما أدخله في عقائد الشيعة

    وهذا أثر الأسباب السابقة الذكر في عقيدة التشيع:
    1- نتيجة الجهل بالإسلام مع بقاء الرواسب المجوسية، وجد في عقيدة الشيعة: (الحلول) وهو أن الله يحل في أحدٍ من خلقه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
    وقد افتري ذلك في حق علي وروجه عبد الله بن سبأ، حتى أنه لما بلغه قتل علي، قال: (لو جئتمونا بدماغه في صرة ما صدقنا بموته). وقال: (إن المقتول ليس علياً بل شيطان تصور بصورته، أما علي فإنه صعد إلى السماء، وهو يمشي في السحاب، وأن البرق سوطه والرعد صوته، وسوف يرجع إلى الأرض فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً). كما وجدت شعائر مجوسية، مثل الاحتفال بالنيروز.
    2- نتيجة الحقد المجوسي استطاع ابن سبأ أن يبذر فيمن استجاب له من الفرس، عداوة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم والطعن فيهم، ولا سيما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، الذي فتحت جيوشه بلادهم، وحطمت سلطانهم. وقد اغتاله أحدهم أبو لؤلؤة المجوسي كما هو معلوم.
    فأكمل ابن سبأ ما بدأ به من الفتنة، ومقتل عثمان، وطلحة، والزبير، والكثير من الصحابة. حتى أصبح من أعظم أصول التشيع تكفير الصحابة والجهر بمعاداتهم ولعنهم.
    ومن أعجب العجب أن يدعي أحد الإسلام، ويفخر بما صنع أبو لؤلؤة المجوسي ويعظمه، ويمنحه لقب البطولة والرجولة.
    3- ونتيجة الغلو في تقديس السادة والكبراء، استطاع ابن سبأ أن يروج بينهم بدعة ألوهية علي، وأحقيته وأهل بيته بالخلافة، فبالغت هذه الفرقة في تعظيم الأئمة، حتى رفعوهم عن مرتبة الملائكة والنبيين، بل وصفوهم بصفات الله تعالى، كقولهم: إن جميع ذرات الوجود تخضع لهم، وأنهم معصومون عن السهو والغفلة والخطأ.
    وقياساً على الطريقة الكسروية، جعلوا الخلافة حقاً إلهياً محفوظاً لـعلي وذريته، وجعلوه أحد أركان الدين وأصوله، وقد تعصبوا للحسين وذريته أكثر من بقية آل البيت؛ لأنه تزوج بنت ملكهم كسرى، وجميع الأئمة عندهم من نسلها.
    4- والبصمات اليهودية واضحة في التشيع جداً. فمما أدخله ابن سبأ فيها من عقائد اليهود، وأكمله من بعده:
    أ- التمثيل والتشبيه: وعلى هذا كان قدماؤهم، ثم اتحدوا مع المعتزلة -كما أشرنا- وأصبحوا نفاة معطلة.
    ب- يعتقد اليهود أنه سيخرج في آخر الزمان مسيح يهودي، يحكم العالم بشريعة داود، ويبعث له وزراء من أصحاب موسى ويوشع بن نون، وفي عقيدة الشيعة أن مهديهم المنتظر سوف يحكم بحكم داود، ويبعث معه وزراء من أصحاب موسى ويوشع بن نون.
    ج- يعتقد اليهود جواز البداء على الله تعالى، وهو أن يأمر الله بأمر، ثم يبدو له خطؤه فيأمر بخلافه -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- وهذا جزء من عقيدة الشيعة في الله تعالى.
  6. أهم عقائد الشيعة

    افترقت الشيعة طوائف وفرقاً كثيرة، وأكبر هذه الفرق هي الشيعة الإمامية الإثنا عشرية، وإليها ينصرف الاسم عند الإطلاق، إذا قيل: (الشيعة) أو (الرافضة).
    وهذه أهم عقائدها:
    1- أن الإمامة (الخلافة) ركن من أركان الدين، ويجب على النبي أن يعين الخليفة من بعده.
    2- أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على تعيين علي إماماً بعده، وقد نزلت عليه بذلك آيات من القرآن، ولكن الصحابة اتفقوا على كتم هذه الآيات والأحاديث، وخالفوها، واغتصب أبو بكر وعمر وعثمان الخلافة، وبذلك كفر الصحابة، وخرجوا من الإسلام، إلا عدداً قليلاً جداً.
    3- أن الأئمة معصومون عن السهو والغفلة، والخطأ والنسيان، ويتلقون العلم من الله مباشرة، ويعلمون ما كان وما سيكون، وتخضع لهم جميع ذرات الوجود، ويعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا باختيارهم. ويجوز دعاؤهم، والاستغاثة بهم، والتسمية بالعبودية لهم.
    4- أن الأئمة اثنا عشر إماماً، أولهم: علي، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، الذي أمه بنت كسرى، ثم تتابع في ذريته إلى الإمام الثاني عشر الموهوم محمد بن الحسن العسكري الذي يعتقدون أنه اختفى في السرداب بـسامرا سنة (261هـ) وسوف يخرج آخر الزمان، ويحكم الناس بحكم داود، ويأمر بإحياء أعداء علي وأهله، وأولهم أبو بكر وعمر، ثم سائر الصحابة والخلفاء، وملوك المسلمين إلى زمن خروجه، فيقتلهم جميعاً.
    5- أن القرآن فيه تحريف ونقص، أحدثهما الصحابة فيه، والمصحف الكامل هو مصحف علي، الذي ورثه الإمام الثاني عشر، ودخل به السرداب، وهو ثلاثة أضعاف هذا القرآن، وليس فيه من قرآن أهل السنة حرف واحد.
    ويسمونه أيضاً: مصحف فاطمة، ويحاول مجتهدوهم تجميعه من خلال الروايات الموضوعة على أئمة أهل البيت.
    ولكنهم يروون عن أئمتهم الوصية بقراءة هذا القرآن، وجواز التعبد والعمل به، إلى أن يظهر الإمام بالقرآن الحقيقي.
    6- اعتقاد أن القرآن مخلوق.
    7- إنكار صفات الله تعالى، وإنكار القدر.
    وبالجملة هم معتزلة في العقيدة، وينفردون بالقول بالبداء.
    8- السنة عندهم:
    لا يعترف الشيعة بكتب السنة المعروفة، مثل: صحيح البخاري وصحيح مسلم، ومسند الإمام أحمد وكتب السنن الأخرى، وإنما السنة عندهم ما جاء من طريق آل البيت وحدهم، واهتمامهم بما يروى عن أئمتهم المعصومين -في نظرهم- أعظم مما عداه.
    وكما يخالفون أهل السنة في الأصول، يخالفونهم في معظم الأحكام الفقهية.
    ومن ذلك: أن الجهاد والجمعة غير واجبة عندهم، إلا إذا ظهر الإمام الذي في السرداب، وأنه حين يظهر ينشر العلم الخاص -بزعمهم- الذي يسمونه (علم الجفر) وفيه الفقه، والأحكام، والقرآن الكامل.
    وهذا مما يدل على أن الذين أسسوا هذا المذهب كانوا قاصدين تعطيل الشريعة، وتعليقها على شيء لن يوجد أبداً، وهذا من أخبث المكر.