البيان: تميزت الساحة الدعوية في المملكة العربية السعودية عن غيرها بالنجاح في إيجاد علاقة متوازنة بين الشباب والعلماء، ولكننا بدأنا نخشى في الفترة الأخيرة من فقدان هذه الميزة؛ فهل ترون ذلك؟
وما العلاج برأيكم؟
الجواب: الزخم الدعوي في هذه البلاد كبير وشامل، وظهور بعض الشذوذ أو الانحراف سببه قلة المربين والموجهين بالنسبة لكثرة المهتدين؛ لكن يظل التيار العريض على الجادة والتوسط بين الجفاء والغلو؛ فهو في الجملة على منهج الدليل لا على منهج التقليد، من تجربتي أقول: إن كثيراً من المشكلات لدى الشباب ليست مستعصية الحل، بل بعضها يمكن حله بالتعامل معها بأناة وهدوء والصبر عليها حتى تهدأ تلقائياً، لديهم حماس عاطفي لا ينبغي مواجهته بل ضبطه وتهذيبه، مجتمعنا في بعض جوانبه لم يتعود اختلاف الرأي، بل عاش أجيالاً تحت سلطة مركزية أحادية سياسياً وعلمياً.
ومعلوم أنه كلما قلَّ حظ الإنسان من العلم والتجربة ضاق أُفُقُه، واشتد حرصه على الإنكار والاختلاف سواء في المسائل العلمية أو المواقف العملية؛ ولذلك يجب على المربين الصبر على تربية الشباب على العلم والتعقل مقتدين في ذلك بما كان عليه السلف الصالح من سعة الأفق وحرية الاجتهاد داخل المنهج المعصوم -منهج الوحي والدليل- فقد اختلفوا في مسائل كثيرة من غير تعصب ولا تباغض؛ وإذا كان في العالم الإسلامي أربعة أئمة متبوعون فإن المدينة النبوية وحدها كان فيها في زمن التابعين سبعة فقهاء متبوعون، لم يكن أحد منهم مقلداً لغيره وإلا لكانوا ستة. ومن ناحية أخرى يجب التحذير من الغلو فيما يسمى «الرمز» باسم احترام المشايخ أو تقدير ذوي السابقة فلا غلو ولا جفاء.