البيان: يتحدث الكثيرون عن العفوية والارتجال في برامج الحركات الإسلامية، ويتحدثون عن السطحية وضيق الأفق في الفعل ورد الفعل... فما حجم هذه الظواهر؟ وما السبيل لنضج الحركة الإسلامية؟ الجواب: هذا ما يجب الاعتراف به، وهو مظهر من مظاهر أخرى تدل على أن الصحوة مع انتشارها وقوة زخمها لم يصلب عودها بعد، وليست قادرة على مواجهة الحضارة الجاهلية المعاصرة التي تسعى لاجتياح العالم تحت ستار (العولمة). هناك أزمة في التخطيط، وأزمة في فهم الآخر ومطابقة العلاقة معه لمقتضى الشرع، وأزمة في معرفة سنن الله في التغيير والهزيمة والنصر. لا ينقص الصحوة الإخلاص وحب التضحية؛ لكن هذين لا يكفيان، ولا ينقصها كثيراً العلم الشرعي لكن وجوده شيء وفهمه والعمل الصحيح به أمر وراء ذلك. كثير من شباب الصحوة ومعهم بعض موجهيها أيضاً يميلون إلى التصنيف المبسط للأشخاص والقضايا، والحرفية الظاهرية في فهم النصوص، والسذاجة في التعامل مع تعقيدات العصر، لكن هذا لا يعني التشاؤم؛ فالمبشرات أكثر من المعوقات بفضل الله، ومظاهر التحسن والنضج بادية سواء في الأحداث أو الوسائل، ومن أهم السبل للارتقاء بالواقع الدعوي والأخذ بأسباب النصر والقوة دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والتأسي بها والاعتبار بأحداثها ومواقفها، وأضرب لكم مثالاً واحداً مما يناسب حالنا هذه الأيام؛ وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يغزو قبيلة ورّى بغيرها (أي أظهر أنه يريد غزو غيرها لكي يباغتها) واليوم تأتي مواقف تحتاج الأمة فيها إلى التورية ضمن السياسة الشرعية، ولكن ذلك لا يحدث خوفاً من الاتهام؛ لأن الاتهام عند آخرين جاهز لأدنى احتمال دون تقدير للاعتبارات العلمية، والمصالح الشرعية، وبُعد النظر في العواقب سواء في ميدان الجهاد أو الدعوة والإصلاح.