ومن هنا -أيضاً- نفهم لماذا غاب عن التوقيع شخصيات أمريكية من طراز نعوم تشومسكي وغورفيدال ورمزي كلارك وبول فندلي وأمثالهم ممن يجعلون العالم الفَزِعَ من الوجه الكالح للغطرسة الأمريكية يلتمس لـ أمريكا وجهاً آخر عادلا يمثله هؤلاء ونظراؤهم.
عندما يكون الالتقاء على (بحيرة الدم) لابد أن يغيب هؤلاء! بل لابد أن تغيب الأكثرية من الشعب الأمريكي الذي نعتقد أنه من أكثر شعوب العالم حباً للحقيقة والعدل، وقد أثبت ذلك بحرصه الشديد على التعرف على الإسلام عقب حادثة (11 أيلول) دون انسياق وراء الضجيج الإعلامي الذي ترسمه الإدارة السياسية بواسطة وحدة التضليل الإعلامي التي كشف ماتسون النقاب عنها ذلك الانسياق الذي فعله -للأسف - المثقفون الستون.
لا غرابة أن تكون أحداث (11 أيلول) هي الحلقة الأخيرة في قائمة الهجمات الإرهابية التي وضعها المثقفون الستون للدلالة على أن أمريكا العادلة الحرة -في نظرهم- تتعرض لهجمات من أعداء العدل والحرية.
  1. وماذا عن كفة الميزان الأخرى؟

    لكن الغريب -في نظرنا ونظر كل باحث عن الحق والعدل- هو تغييب القائمة الأخرى، أو ما يمكن أن يوصف بأنه محو الكفة الأخرى لميزان العدل من الوجود! وليس ذلك بفعل قادة البنتاجون، بل على يد مفكرين يحاولون احتكار الحديث عن القيم!! بل يضعون للعالم قيماً وموازين هي في نظرهم أسمى القيم وأعدل الموازين!
    إن خالق هذا الوجود سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد بين أنه أحكم بناءه على العدل، وبالتالي فإن على البشر أن يقيموا الحياة الإنسانية على العدل أيضا، وعليه فالناس الذين لا يزنون بالقسطاس المستقيم يتصادمون مع ناموس الوجود، وليس فقط مع دعاة العدل من البشر.
    ((الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ)) [الرحمن:1-9]
    الحق أن القائمة الأخرى أثقل من أن تحتملها كفة ميزان مهما بلغت عظمته، لأن هيروشيما وحدها سوف تحتلّه وتفيض عنه، فأين توضع النماذج الأخرى للحرب الأمريكية العادلة والنظيفة! من أمثال الحرب الكورية، والحرب الفيتنامية، وحرب الخليج و....
    هنا عند ذكر الخليج يضطرني ضميري للمقاطعة لكي يهمس في ضمائر الأمهات الشفوقات من مثل السيدة إنولاإيرد كيف غابت عنكن حين وقَّعْـتُنّ مع القوم أسمى العواطف الأنثوية فنسيتُنّ مليوني طفل عراقي ألتهمتهم أمراض الحرب البيولوجية الشرسة على العراق؟!
    ألم يكن ذلك كافياً للتفكير جدياً قبل التوقيع على تبرير القصف الأمريكي لأطفال وأمهات أفغانستان، الذي استخدم مالم يعلم عنه العالم من قبل من أسلحة الفتك والدمار للإجهاز على الآلاف منهم، وهم جوعى، مرضى، منعزلون في جبالهم الشاهقة، لم يسمعوا عن مركز التجارة العالمي ولا عن البنتاجون ولا عن تنظيم القاعدة!!
    ربما تتداعى الأسئلة من نوع:
    لماذا استهدفت القنبلة الذرية المستشفى العام في هيروشيما ومن هناك صهرت عشرات الآلاف وأحرقت عشرات أخرى وشوهت أضعافهم؟!
    ولماذا استهدف القصف على بغداد ملجأ العامرية فصهر (1500) امرأة وطفل في جحيم أرضي لا نظير له من قبل؟!
    ولماذا استهدف القصف على كابل مخازن الصليب الأحمر الإغاثية فحول الغذاء والدواء إلى رماد يتطاير أمام أعين الملايين من البائسين؟!
    إن كان ذلك كله وقع خطأ فعلى أي شيء يدل تكرار الخطأ في عالم القيم؟ وإن كان مقصوداً فهل له في عالم القيم من موقع؟
    ثم تسألون - معشر الستين - على أي شيء نقاتل؟!
    نحن نقبل أن يكون هذا السؤال مدخلاً لإيقاظ العقل والضمير ومحاسبة النفس، أما أن يكون تمهيداً مقصوداً للدفاع عن سلوك لا قيمي في مواجهة الضمير العالمي والمحلّي والإسلامي، فنعتقد أننا جميعاً لسنا بحاجة إلى الجدل النظري.
  2. موضع الخلاف

    فالقضية موضع البحث ليست إشكالاً فلسفياً ولا مبدأً لاهوتياً، إنما هي قيم سلوكية ومعايير أخلاقية، في وسعنا أن نختبرها بالنـزول إلى أرض الواقع لنرى كيف تجسدت هذه القيم في كابل ومزار شريف بعد سكوت المدافع، فنعرف عن أي قيمة قاتلتم فعلاً، وقد جاء في الإنجيل عن السيد المسيح ( من ثمارهم تعرفونهم )!
    إن الدستور الأمريكي - الذي هو التجسيد الماثل للقيم الأمريكية - ظل محتفظاً بقداسة الآثار الدينية في العصور الوسطى الغربية، حتى جرى عليه التعديلان الشهيران:
    الأول: النص على تحريم الخمر.
    والآخر: النص على نسخ هذا التحريم.
    ومع أن التعديل الأخير يُعدّ مثالاً واضحاً لهزيمة القيم الأمريكية أمام سلطان الشهوة المدمرة، فإن هذه ليست القضية، إنما القضية أن القيم الأمريكية في أفغانستان انعكست تماماً، فقد بشَّر الفاتحون الصليبيون الشعب الأفغاني بإباحة الخمر وما يتبعها من الخبائث! وبالرغم من أن الانحراف ظاهرة بشرية إلا أن الذين استجابوا لهذا اللون من القيم كانوا قلة من الشعب الأفغاني، وفي الوقت نفسه أفصحت القيم الأمريكية عن نفسها بالبرهان المحسوس، حين عملت كل ما يتنافى مع الديمقراطية، بتسليط عصابات عميلة من أقليات عرقية ودينية ذات ماضٍ دمويٍّ طالما تحدثت أمريكا نفسها عنه. وسَعَت إلى محاربة قيم الفضيلة والرقي السلوكي في شكل الإغراء بالحرية!
    واتضح أن حكومة طالبان أرقى قيماً من الذين حذفوا التحريم من الدستور الأمريكي، وأن شعب أفغانستان في استجابته للتحريم أرقى سلوكياً وأخلاقياً من الشعب الأمريكي الذي ابتهج بإلغاء التحريم، ولم يعد يخطر له على بال.
    شهور ثلاثة فقط كانت كافية لسقوط القيم الغازية - على لسان وزير العدل في الحكومة المؤقتة في كابل -حيث أعلن تحت ضغط المطالبة الشعبية: أنه لا مناص من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التي كانت تطبقها طالبان بما في ذلك حد الخمر!!
    وقد كان حِسّ زارعي المخدرات وتجارها في شم رائحة القيم الأمريكية أصدق من حِسّ كثير من المتعصبين لهذه القيم، فأولئك بادروا بالعودة إلى أفغانستان عقب الاحتلال الأمريكي، مستبشرين بمستقبل جديد لعملهم اللاإنساني وبانفتاح السوق الأمريكية التي هي أكبر سوق لهذا الوباء.
    لقد قال برناردشو - في معرض أسلوبه الساخر من ازدواجية القيم الغربية- :
    ( أغْفِرُ لـنوبل اختراع الديناميت، ولا أغفرُ له الجائزة!! )
    وهكذا يمكن القول بأن الشعب الأفغاني قد يغفر للأمريكان ضرب مستودعات الغذاء، واستهداف دور الأيتام وتصرفاتهم، باسم الحرب العادلة المزعومة مع الأسرى في قلعة جانجي وفي كوبا، ولكنه لن يغفر أبداً الاستطالة على القيم التي يؤمن بها , وتفضيل قيم وضعية انتقائية غير ثابتة ولا عادلة عليها، ومحاولة جره إلى حضيض القيم الأمريكية في الحرب والسلم سواء.
    وبالتالي فإن العالم الإسلامي قد يفهم على مضض غطرسة الإدراة الأمريكية وتخبطها وتعسفها- باعتبارها نزعة فرعونية في كل امبراطوريات التاريخ - ولكنه لن يقبل إطلاقاً مزايدة المثقفين الأمريكيين على القيم الإسلامية، وتنصيب أنفسهم وعّاظاً له بهذا الشأن، لمجرد أن عدداً قليلاً جداً من المسلمين عملوا -بل متهمون بعملٍ يعتبر- جزءاً ضئيلاً جداً مما تفعله المؤسسات الحاكمة في أمريكا، في كل قارات المعمورة، وعلى مدى قرن كامل تقريباً.
    مع فارق مهم للغاية وهو أنه لم يكن أحد من المسلمين معتدلاً أو متطرفاً يفكر في مهاجمة أمريكا قبل أن تنحاز إلى الكيان الصهيوني وتمده بكل أسباب الإرهاب والبطش، وقبل أن تهاجم أمريكا أكثر من بلد إسلامي وتنتهج تصنيف الدول الداعمة للإرهاب، ومحور الشر على أساس أن يكون المسلمون هم رأس القائمة وهدفها! وذلك ما جاء خطاب المثقفين ليكرسه تكريساً فلسفياً.
    نحن لا نجزم أن ما كتب الستون نوع من الإسقاط النفسي، فربما كان مخادعةً لوخز الضمير حين يرى القيم تحتضر -ليس في وحشية الحرب فحسب- بل في المحاكم العسكرية، ومعاملة الأسرى، والتضييق على الإعلام، وحجب المعلومة الصحيحة عن الشعب -ومن ذلك أن يكون للقناة الإخبارية cnn نوعان من البث في وقت واحد، أحدهما: داخلي، والآخر خارجي- مما يذكّر بالإعلام في أوروبا الشرقية أيام الدكتاتوريات المكشوفة.
    لكننا لا نستطيع أن نتجاهل أننا أمام حالة تشبه حالة الباباوات مع الأباطرة والملوك الأوروبيين -في العصور الوسطى- الذين شنوا الحملات الصليبية المتتابعة على الشرق الإسلامي.
    ولقد استطاع البابا المعاصر أن يقدم للعالم الإسلامي اعتذاراً عن تلك الحروب، ونعتقد أنه كان ينبغي لهؤلاء المثقفين أن يسبقوا الزمن ويقدموا اعتذراً مماثلاً عما فعلته الادارة الأمريكية -وتفعله- بالمسلمين، ومن ثم يفتحون الباب للحوار والتفاهم بين الدينين والحضارتين.
    لكنهم مع الأسف سلكوا الطريق الآخر! وربما احتاج الأمر إلى قرون لكي نسمع الاعتذار هذا إن كان ثمة من القيم ما يدعو لتقديمه أصلاً!!
  3. ادعاء الحقائق والقيم المطلقة

    لقد اشتمل الخطاب على تعميمات تاريخية وفلسفية جديرة بالتمحيص والتدقيق، ونحن هنا لسنا بصدد الدخول في جدل تاريخي أو خوض لاهوتي -ليس لضيق المقام فحسب- بل لعقيدتنا المطلقة بأن كل ما كان حقاً وعدلاً فهو مما يجب علينا الإيمان به، والتسليم بصحته من أي مصدر كان، وكل ما كان باطلاً وظلماً فإن الواجب علينا إنكاره من أيٍّ كان كذلك.
    غير أن المشكلة التي ندخل لها - توّاً- هي إسباغ مفهوم الحق المطلق على حالة عابرة لأمة معينة في مرحلة تاريخية محددة وتسمية ذلك ( الحقائق الأخلاقية الكونية ) وهو ما تستطيع كل أمة أن تدعيه، فلا يكون الناتج إلا نقل الحروب من ميدان الأرض إلى عالم القيم، وهو عكس ما يظهر أنّه المقصود من الخطاب كما جاء في خاتمته.
    اللهم إلا إذا صدقنا الصحفي الصهيوني توماس فريدمان الذي أعلن بوضوح أن الحرب الفكرية هي الأهم في نظر الأمريكان! وأن تغيير النظام الاجتماعي وأساليب الحكم ومناهج التعليم هي الجزء الأكبر من المعركة مع العالم الإسلامي، وحينئذ تكون دعوى القيم الأخلاقية الكونية وسيلة وليست غاية!!
    مع أن من حق أي قارئ أن يرجح ذلك، فإننا سنغض النظر عنه ونتناول الموضوع من خلال حقائق التاريخ والمنطق مجردة.
    إن الأساس المنطقي لهذه الدعوى الكبرى مفقود لسبب بسيط، هو أن المبدأ الذي استندت إليه تلك الحقائق الكونية المدعاة هو مبدأ القانون الطبيعي.
    والاستناد إلى مبدأ غامض كالقانون الطبيعي، يصعب التدليل على وجوده فضلاً عن التلقي عنه، في أعقد مشكلة تواجه الجنس البشري هو أمر لا يصح التعويل عليه.
    بل الواقع التاريخي يشهد أن أكثر النظريات إجحافاً في حق الإنسان استطاعت _ وتستطيع _ أن تعتمد على هذا المبدأ ذاته.
    فقد اعتمد عليه ريكاردو في التبرير للرأسمالية الجشعة التي كانت الدافع لأكبر غزو استعماري في تاريخ الإنسانية.
    كما اعتمد عليه مالتس وبنتام في التبرير لتحريم الصدقة والإحسان للفقراء، مصادمين بذلك قيمة من أعظم القيم الإنسانية.
    وأفظع من ذلك ما قرره داروين من أن القانون الطبيعي يقوم على قاعدة أن الحياة صراع والبقاء للأقوى مما شكل الأساس الفلسفي للحروب المدمِّرة والأنظمة الشمولية في أوروبا الحديثة.
    وبالنسبة للمؤسسين الأوائل لـأمريكا لم يكن استنادهم إليه إلا لاعتقادهم أنه أحدث النظريات، كما هو الحال لو اعتقد بعض المعاصرين فكرة نهاية التاريخ مثلاً!
    ومعلوم لدى الباحثين أن توماس جيفرسن ومعاونيه اقتبسوا بيان إعلان الاستقلال من أفكار الفلاسفة الإنجليز لاسيما جون لوك، ومن أفكار المؤسسين النظريين للثورة الفرنسية أمثال روسو ومونتيسكيو، وفي ذلك الزمن كانت فكرة القانون الطبيعي والحقوق الطبيعية هي الرائجة.
    وأصل المشكلة لدى هؤلاء - وغيرهم من أصحاب النظريات الاجتماعية - هو افتقار الفكر الغربي الثائر على لـثيوقراطية الكنسيّة، والحكم المطلق إلى عقيدة يستمد منها وشريعة يحتكم إليها؛ ذلك الافتقار جعله يخترع الأسس الفلسفية اختراعاً
    وهنا تجدر المقارنة بالعالم الإسلامي الذي يمتلك - فوق الخبرة التطبيقية - ثروة هائلة من نصوص الوحي والمدونات القانونية الشارحة تحدد بدقة الحقائق الأخلاقية الكونية، وتضع للعلاقات بين البشر أحكاماً تفصيلية قبل صدور -ما سمي في إنجلترا- العهد العظيم بستة قرون، وقبل ألف سنة من النظرية البدائية لـجروسيوس عن الحرب والسلام.
    إن أوروبا لم تعمل جدياًً على اقتفاء أثر الشريعة الإسلامية - بل الاقتباس منها - إلا منذ صدور تشريعات نابليون سنة (1804م) أي: بعد جيل من إعلان الاستقلال الأمريكي (أعلن 1776م).
    ولنأخذ لإيضاح ذلك مثالاً من القيم التي ذكرتم، والتي يمكن تلخيصها بكلمتين "الحرية والمساواة" إنهما شعاران قديمان ليس في كلامكم عنهما جديد، بل ليسا أصلاً من ابتكار المؤسسين، والأهم هو أن هاتين القيمتين لا يمكن أن تستند إلى المبدأ الغامض (القانون الطبيعي) في المنطق المجرد، فضلاً عن الواقع البشري، كما أنهما - بشيء من النظرة العميقة - قيمتان متعارضتان وهذا هو مكمن الخطر، فإن الأحداث الدامية التي أعقبت الثورة الفرنسية وهي الثورة التي رفعت - بوضوح - هذين الشعارين في الغرب، تؤكد ذلك جلياً، ومن هنا قال المؤرخ العالمي تويبني:
    "يمكن اختصار التاريخ البشري بأنه مجال الصراع بين هذين المبدأين المتناقضين: مبدأ الحرية ومبدأ المساواة".
    ومادام أن البشر عاجزون عن رسم الحدود الفاصلة بين المبدأين؛ بل بين حُرِّيَتَيْ كلِّ طرفٍ في العلاقات الإنسانية المتشعبة ( الحاكم والمحكوم، الزوج والزوجة، الدولة والدولة الأخرى، الأقلية والأكثرية..الخ ) ومادام أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يزد على أن أعاد إثارة المشكلة من جديد، ومنذ وضْعه حتى الآن لم يزل الاختلاف في تفسيره، ولم تزل كل المذاهب والأنظمة تستخدمه سلاحاً في وجه معارضيها، ومادام أن أشد الأنظمة استبداداً وعنفاً لا يتورع عن ادعاء وصف الديمقراطية: فإن عبارة من نوع عبارة مارتن لوثر كنغ عن قوس العدالة هي أشبه بتفسير الماء بأنه ماء.
    كما أن العبارة التي أوردها الخطاب عن أوغسطين جاءت بأبلغ من ذلك في الإنجيل عن من هو أفضل وأقدم من أوغسطين وهو المسيح عليه السلام، ولكنها مجرد توجيه أخلاقي مثالي.
    ومن هنا فلا مناص من رجوع العالم الإنساني كله إلى مرجعية كونية مطلقة مفصّلة، أو وفقاً لنظرية العميد دوجي كبير القانونيين الفرنسيين "بما أن التشريع هو فرض إرادة المشرع على الآخرين، فإنه لا يحق للبشر أن يُشرِّعوا للبشر ولا يملك ذلك إلا إرادة مطلقة فوق سلطة كل البشر".