لو أن العالم خوّلكم إعطاء جائزة تقديرية للشعب الأرقى خلقاً وقيماً والأحسن تعاملاً فلأي الشعبين كنت ستعطي الجائزة؟ لشعبك أم لنا؟
هل يعني ذلك أننا نضمر الشرّ للشعب الأمريكي أو نعامله بعنصرية؟
لا... أبداً، فنحن نعتقد أن للشعب الأمريكي - جملةً - من صفات الخير ما يجعله أقرب الشعوب الغربية إلينا، وأجدرها بأن نحب له الخير في الدنيا والآخرة، فهو شعب يؤمن غالبيته العظمى بوجود الله، وهو ينفق على الأعمال الخيرية ما لا ينفقه شعب آخر في العالم ( ولا نعني بذلك التنصير بين المسلمين).
وأصدق دليل على ما فيه من خير: أنه أكثر شعوب العالم قبولاً للإسلام وأسرعها اعتناقاً له ومحاولة لفهمه؛ حتى بعدما نـزل به من فاجعة حمَّلْتم - أنتم الحكومة - المسلمين مسئوليتها بلا دليل.
ومثل هذا الشعب نحب لـه الخير والكرامة من أعماق قلوبنا، والخير والكرامة لا يتحققان لأي شعب إلا بأحد أمرين :
1- الدخول في دين الله الذي لا يقبل سواه وهو دين الأنبياء جميعاً (الإسلام) وبهذا يجمع الله له خيري الدنيا والآخرة.
2- مصالحة المسلمين ومحبتهم ومعاملتهم بالحسنى؛ وبهذا يجازيه الله في الدنيا خيراً وأمناً.
فهذه الأمة الإسلامية أتباع إبراهيم ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي أكرم الخلق على الله فمن أكرمها أكرمه الله ومن أهانها أهانه الله، وإن أمهله إلى حين، والتاريخ شاهد على هذا.
قد تقول أو يقال عنك لقد اعتذرت عن عبارة: ( حملة صليبية ) وزرت المركز الإسلامي ونصحت الشعب بالانضباط، فنقول : لقد تعودنا من أمريكا أن تجرح جرحاً غائراً، ثم تضع عليه لصقة خفيفة، إلا أن عدوانكم الحالي على أفغانستان نـزع تلك اللصقات بعنف وفتح جرحاً عميقاً في قلب كل مسلم.
وليتك -أيها الرئيس- إذ فعلت ما فعلت لم تعاود العبارات العنصرية مرة أخرى في خطابكم عن بدء الهجوم، فقد كان يكفيك -ومن غير حاجة إلى تبرير- أن تدعي الحق في أن تصنّف العالم كما تشاء، وتعاقب من تشاء كيف تشاء متى تشاء، ثم إنك زدت فجعلت شهوة الانتقام مفتوحة إلى ما لا نهاية حين قلت: ''اليوم نركز على أفغانستان ولكن المعركة أعم''.
ألا يكفي أن تدمروا شعباً كاملاً بتهمة لم تثبت على شخص - أو تنظيم - يعيش مضطراً في هذا البلد؟! أهذا العدوان الذي يتجاوز كل القيم والأخلاق، ويهز كل الضمائر الحية في العالم ليس إلا قطرة من بحر انتقامكم؟
هل فوضكم المسيح عليه السلام بهذا؟ حاشاه من ذلك! فإن مكيافيللي نفسه لم يفوضكم إلى هذا الحد.
إن سلفكم في هذا هو شمشون وابنه المعاصر شارون.
ألا تخافون الله يا من جعلتم شعاركم هذه الأيام بارك الله أمريكا! كيف يباركها الله ويحفظها وقد علمها رسوله المسيح عليه السلام نقيض ما تفعل تماماً: ''من لطمك على خدك الأيمن فأدر لـه الأيسر، ومن نازعك ثوبك فأعطه الرداء أيضاً، ومن سخّرك ميلاً فامش معه ميلين''
ألا تدرون أنكم حين تجعلون شهوة الانتقام اللانهائي صفة المتحضرين؛ فإنكم تُلبسون المسيح عليه السلام صفة البرابرة الهمج، وحاشاه من ذلك.
ولكنكم أيها الرئيس كفرتم بالله والمسيح، وسلكتم سلوك البابوات في العصور الوسطى حين كانوا يصدرون صكوك الغفران وقرارات الحرمان -كما يشاءون-.
لقد أعطيتم أنفسكم والدولة الصهيونية، وكل معتد غاشم صك غفران أبدي، وأصدرتم بحق من تورع عن مشاركتكم في عدوانكم اللامحدود قرار حرمان؛ وذلك بوصفه بأنه إرهابي أو مؤيد للإرهاب.
تبحثون بالمجهر عمن تسمونه جماعات إرهابية في الصومال الذي قتله الفقر، أو مخيمات الفلسطينيين في لبنان؛ حيث الإرهاب الصهيوني يهدد تلك الأعشاش الوادعة كل يوم، وتنسون أن الإرهاب الجهنمي الفظيع قائم عندكم ملموس بأيديكم؛ بل هو أنتم ولا شيء سواكم.
وإن لم تصدق هذا فقل لي بربك : لو أن أصدق صديق لكم جاء ليهنئكم بالانتصار الذي تريدون تحقيقه بعد عشر سنوات على عدوكم المفتعل الغامض. فعلى أي شيء سوف يهنئكم؟ هب أنه قال :
سيدي الرئيس؛ لقد تم قتل مليون أفغاني، ومليون عراقي، ومليون كذا وكذا، إلى آخر قائمتكم الخفية الملعونة، أهذا انتصار للحضارة والقيم النبيلة والحرية والديمقراطية؟ بالتأكيد سيكون بين ضحاياكم أرامل وأطفال جياع عراة حفاة، فهل هذا يشبع شهوتكم في الانتقام؟!
أما الأ حياء فسوف تتخذون حياتهم دليلاً على أنكم اقتصرتم على تدمير بيوتهم الطينية وأكواخهم الخشبية بصفتها أهدافاً استراتيجية! في حربكم النظيفة! وأسلحتكم الذكية! التي لا تقتل البشر.
وهنا عند هذه النقطة سوف يقهقه العالم الذي ستجعلونه كئيباً حزيناً إلى ما شاء الله - نعم سوف تهدون إليه هذه النكتة المتحضرة لكي يتذكر الذكاء الخارق الذي اتسمت به صواريخكم حين كنتم تضربون العراق فتصرخ إيران، وحين استهدفتم أفغانستان -في عدوانكم الأول فجرحتم باكستان، وحين أثار أحد صواريخكم الذكية ثائرة العملاق الأصفر بضرب سفارته في بلغراد.
وأنا - للعدل - أعترف لصاروخ واحد من صواريخكم بالذكاء، وهو ذلك الباتريوت الميمون الذي شاهد أحد صواريخ إسكود الغبية متجهاً فما كان منه إلا أن حرفه إلى الطريق الصحيح واستضافه في عشاء ضباط المخابرات الأمريكية في الخبر.
أما النظافة فالعالم كله يشهد لكم بأنظف الحروب، مع ملاحظة بسيطة جداً، وهي أنكم حين نظفتم هيروشيما وناجازاكي بقيت في العراء نفايات قليلة - عن غير قصد منكم - ولعلكم تستدركون هذا الخطأ في أفغانستان وتوابعها وتتكرمون أكثر فتدهنون الأماكن المنظفة بشيء من الدهان الأمريكي الرخيص.
لكن للحق أيضاً نقول : إن نظافة حربكم في العراق مشكوك فيها قليلاً؛ لأن شهود النفي أطفال والقانون لا يقبل شهادة الأطفال ولو كان عددهم مليونين، أما شهود الإثبات فهم كبار في حجم ديكتاتور وجنرالات حوله.
أيها الرئيس... هل تعتقدون أن القائمة التي أعلنتم فيها أسماء المنظمات الإرهابية والدول الراعية للإرهاب تخدم مصلحتكم، أم أنها تؤكد أن العالم ضدكم؟
وأي مستشار هذا الذي أشار عليكم بنشرها في الوقت الذي اكتشف الناس فيه أن بيتكم من الزجاج ولا يزال مهشماً؟ فلماذا تستعدون عليكم من يرميكم بالحجارة من اليابان شرقاً إلى بيرو غرباً؟
أما كان يكفيكم بلد واحد ومنظمة واحدة في هذه الظروف الأمنية الحرجة في بلادكم؟ أم أنكم تريدون أن تستثيروا الكل، فإذا حدث منهم حادث حملتموه المسلمين وحدهم لكي تستمر حملتكم الصليبية عليهم إلى الأبد.