عاشراً: أن المسلم إذا اجتهد في نصرة الدين والانتقام لإخوانه المسلمين من الكفار الظالمين، وإحداث النكاية فيهم فأخطأ فهو مأجور على نيته وإن كان مخطئاً في عمله، وليس هو كالمحارب العادي الذي غرضه نهب المال، وهتك العرض، وقطع السبيل، وأهم من ذلك - بالنسبة للمسلمين - أن حقوقه من الأخوة الإيمانية لا تسقط، ومن ذلك قولـه صلى الله عليه وسلم : {
المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه} وخذلانه: ترك نصرته، وإسلامه: التخلي عنه ليفعل به العدو ما يشاء.
وهذا المسلم -على تقدير خطئه في الانتقام من العدو أو اعتباره من ليس بعدو عدواً - ليس بأكثر ذنباً من أصحاب الكبائر كالزنا والسرقة وعقوق الوالدين، ومعلوم مذهب
أهل السنة والجماعة في أهل الكبائر فهم يصلون عليهم ويستغفرون لهم ولا يُشَهِّرون بهم ولا يُشَمِّتون أهل الكفر بإخوانهم بذكر عيوبهم وذنوبهم، وما دامت صفة الإسلام لهم ثابتة، فهم كما قال صلى الله عليه وسلم: {
كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه} ومن استحل غيبتهم والوقوع في أعراضهم مسايرة لأعداء الله ومجاراة للمنافقين والمفسدين في الأرض فهو أشد إثماً ممن فعل ذلك لحظ نفسه وهواه، أما تكفيرهم -صريحاً أو إيماءً- فهو من كبائر الذنوب ويخشى على صاحبه أن يعود ذلك عليه -نسأل الله العافية- وهو مما قد يدفعهم لتكفير المجتمع بل العلماء والانتقام من كل مخالف، وعواقب ذلك لا تخفى على عاقل.