المادة    
ننتقل الآن إلى ما سطره الشيخ الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله، حيث ذكر في (2/126) من مختصر الصواعق المرسلة، رده على القائلين بالمجاز، ومن ضمن ذلك قال: "المثال الثالث: قوله: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى))[طه:5] في سبع آيات من القرآن، حقيقة عند جميع فرق الأمة إلا الجهمية ومن وافقهم" يعني بذلك: المؤولين من الماتريدية والأشعرية، قال: "فإنهم قالوا: هو مجاز، ثم اختلفوا في مجازه والمشهور عنهم ما حكاه الأشعري عنهم، وبدعهم وضللهم فيه، أنه بمعنى: استولى أي ملك وقهر"، والأشعري رحمه الله ذكر في كتابه المقالات ذكر أن تفسير (استوى) بـ(استولى) من كلام أهل البدع والضلال، نص على ذلك ونسبه إلى أولئك الجهمية ومن اتبعهم.
يقول: وقالت فرقة منهم: بل معنى قصد وأقبل على خلق العرش"، سبحان الله! وهذا منعكس؛ لأن العرش مخلوق قبل السماوات والأرض قال تعالى: ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ))[هود:7] أي: قبل أن يخلق السماوات والأرض، {وكتب في الذكر كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة} ثم بعد الخمسين ألف سنة خلق السماوات والأرض، ثم لما خلقهما استوى على العرش؛ وهذا الترتيب معلوم واضح لدى من فقهه الله، فقولهم: (إنه قصد وأقبل على خلق العرش) هذا من أبطل الباطل.
يقول: "وقالت فرقة أخرى: بل هو مجمل في مجازاته" أي بعضهم تفنن فقال: هذا مجازاته كثيرة مجملة فلا نستطيع التعيين، قال: "يحتمل خمسة عشر وجهاً، كلها لا يُعلم أيها المراد" سبحان الله! يتركون الشيء الواضح الذي قالته العرب، وذكره السلف، ويبحثون عن المجهولات والمعميات، وكأنها ألغاز لا تفقه.
يقول: "لا يعلم أيها المراد، إلا أنا نعلم انتفاء الحقيقة عنه بالعقل".
ثم قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا الذي قالوه باطل من اثنين وأربعين وجهاً" وهذا يدل على سعة علمه وفقهه، حيث أبطل قولهم: بأن الاستواء مجاز، وليس حقيقة، من اثنين وأربعين وجهاً، الواحد منها يكفي ويشفي ويغني، وهذا من قوة الحجة التي أعطاها الله تبارك وتعالى بفضله ومنه وكرمه أهل السنة فالعامي من أهل السنة يغلب ألفاً من المشركين، كما ذكر ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؛ والعامي الموحد يرد على الفئام من المتكلمين ويغلبهم؛ لأنه يرى أن العلو أمر فطري بدهي لا يحتاج إلى استدلال، والمتعلم منهم: يستطيع أن يرد بثلاثة أوجه أو أربعة أوجه، أما العالم المتبحر المتعمق فيرد بأربعين وجهاً أو بخمسين أو بمائة وجه، فشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قد رد على الأشعرية -في قولهم: إن القرآن ليس كلام الله، بل هو كلام لفظي نفسي، وتقسيمه إلى نفسي ولفظي- رد عليهم في الرسالة التسعينية من تسعين وجهاً.
وهذه من حجة الله التي أعطاها أهل السنة .
والرسالة التسعينية موجودة في المجلد الخامس من الفتاوى الكبرى .
  1. معاني الاستواء عند ابن القيم

  2. انتفاء ورود (استوى) بمعنى (استولى)

  3. الرد على استدلال أهل الأهواء ببيت الأخطل

  4. عدم ثبوت البيت المنسوب إلى الأخطل

  5. رد ابن القيم على البيت المنسوب إلى الأخطل